رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَسَاقَ النَّجَاشِيُّ صَدَاقَهَا أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ، وَقُتِلَ بِخَيْبَرَ مِنَ الْيَهُودِ ثَلَاثَةٌ وَتِسْعِينَ رَجُلًا، وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلًا، وَلَمَّا سَمِعَ أَهْلُ فَدَكَ مَا فُعِلَ بِأَهْلِ خَيْبَرَ بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ يَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ، وَيُسَيِّرَهُمْ وَيُخَلُّوَا لَهُ أَمْوَالَهُمْ، ومشى وبينه وَبَيْنَهُمْ مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَاسْتَقَرَّ عَلَى هَذَا، وَصَارَتْ فَدَكُ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِلَا إِيجَافِ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَكَانَتْ فَيْئًا لَهُ، وَكَانَتْ خَيْرَ غَنِيمَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ.
وَلَمَّا صَالَحَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الثَّمَرِ صَالَحَ أَهْلَ فَدَكَ عَلَى مِثْلِهِ لَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ بِعَمَلِهِمْ وَنِصْفُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْفَيْءِ.
وَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ خَيْبَرَ إِلَى وَادِي الْقُرَى، ثُمَّ سَارَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَفِي سَفَرِهِ هَذَا نَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَصَلَّى فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، وَقَالَ: " إِذَا نَسِيتُمُ الصَّلَاةَ فَصَلُّوهَا إِذَا ذكرتموها، فإن الله تعالى يقول: {أقم الصَّلاةَ لِذِكْرِي} " [طه: 14] .
وَلَمَّا عَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ اتَّخَذَ مِنْبَرَهُ دَرَجَتَيْنِ وَالْمُسْتَرَاحَ، وَصَارَ يَخْطُبُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْجِذْعِ الَّذِي كَانَ يَسْتَنِدُ إِلَيْهِ، وَلَمَّا عدل عنه إلى المنبر حن إليه
( [سرية عجز هوازن] )
ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعْدَ خَيْبَرَ خَمْسَ سَرَايَا فَأَوَّلُهَا سَرِيَّةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي شَعْبَانَ فِي ثَلَاثِينَ رَجُلًا إلى عجز هوازن، وهم في متربة عَلَى أَرْبَعِ لَيَالٍ مِنْ مَكَّةَ طَرِيقًا صَعْبًا فَهَرَبُوا، وَعَادَ، وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا.
[سَرِيَّةُ بَنِي فَزَارَةَ] )
ثُمَّ بَعَثَ بَعْدَهُ سَرِيَّةَ أَبِي بَكْرٍ فِي شَعْبَانَ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ بِنَجْدٍ، فَشَنَّ الْغَارَةَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَسَبَى، وَقَتَلَ.
( [سَرِيَّةُ بَنِي مُرَّةَ] )
ثُمَّ بَعَثَ بَعْدَهُ سَرِيَّةَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ فِي شَعْبَانَ إِلَى بَنِي مُرَّةَ بِنَاحِيَةِ فَدَكَ فِي ثَلَاثِينَ رَجُلًا فَاسْتَاقُوا أَنْعُمَ الْقَوْمِ، ثُمَّ أَدْرَكُوهُمْ، فَقَتَلُوهُمْ جَمِيعًا إِلَّا بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ نَجَا وَحْدَهُ وَاسْتَرْجَعُوا النَّعَمَ.