وَهُوَ مُضْطَجِعٌ وَحْدَهُ، فَسَلَّ سَيْفَهُ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ فَقَالَ: " اللَّهُ " فَسَقَطَ السَّيْفُ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال لَهُ: " مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي " قَالَ: لَا أَحَدَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَادَ إِلَى قَوْمِهِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَفِيهِ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} [المائدة: 11] .
( [غَزْوَةُ بَنِي سُلَيْمٍ] )
وَفِي السَّادِسِ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَنِي سُلَيْمٍ وَهُمْ فِي نَاحِيَةِ بَحْرَانَ قَرِيبًا مِنَ الْفَرْعِ فِي ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَلَمَّا عَلِمُوا بِمَسِيرِهِ تَفَرَّقُوا، فَعَادَ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ
( [سَرِيَّةُ قَرْدَةَ] )
ثُمَّ سَيَّرَ سَرِيَّةَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إِلَى قَرْدَةَ وَهِيَ بَيْنَ الرَّبَذَةِ وَغَمْرَةَ، نَاحِيَةَ ذَاتِ عِرْقٍ أَنْفَذَهُ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَيْهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَهِيَ أَوَّلُ سَرِيَّةٍ خَرَجَ زَيْدٌ فِيهَا أَمِيرًا؛ لِيَعْتَرِضَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ فِيهَا صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فَغَنِمَهَا وَهَرَبَ مَنْ فِيهَا، وَقَدِمَ بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَخَذَ خُمُسَهَا قِيمَةَ عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَسَمَ بَاقِيَهَا عَلَى أَهْلِ السَّرِيَّةِ.
وَفِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَفِي النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وُلِدَ الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.
ثُمَّ غَزْوَةُ أُحُدٍ، وَسَبَبُهَا أَنَّ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ لَمَّا عَادُوا مِنْ بَدْرٍ إِلَى مَكَّةَ، وَجَدُوا العير التي قَدِمَ أَبُو سُفْيَانَ بِهَا مِنَ الشَّامِ، بِأَمْوَالِهِمْ، مَوْقُوفَةٌ فِي دَارِ النَّدْوَةِ، فَمَشَى أَشْرَافُهُمْ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ وَقَالُوا لَهُ قَدْ طَابَتْ أَنْفُسُنَا أَنْ نُجَهِّزَ بِرِبْحِ هَذِهِ الْعِيرِ جَيْشًا إِلَى مُحَمَّدٍ؛ لِنَثْأَرَ مِنْهُ بِقَتْلَانَا فَقَالَ: أَنَا وَبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَوَّلُ مَنْ يُجِيبُ إِلَى هَذَا، وَكَانَتْ أَلْفَ بَعِيرٍ، وَالْمَالُ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ وَكَانُوا يَرْبَحُونَ لِلدِّينَارِ دِينَارًا، فَأَخْرَجُوا مِنْهَا