قَالَ: " كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ "
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال: " شرب الخمر أم الخبائث، وَإِنَّ خَطِيئَةَ شُرْبِهَا لَتَعْلُو الْخَطَايَا، كَمَا أَنَّ شجرها يعلوا الشجر) .
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَبَائِعَهَا وَمُشْتَرِيَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ وَسَاقِيَهَا وَشَارِبَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا) .
فَإِذَا ثَبَتَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ بِنَصِّ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَيَحْرُمُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا مَعًا صِرْفًا وَمَمْزُوجَةً.
وَحُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَطَائِفَةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ، أَنَّهَا تَحْرُمُ إِذَا كَانَتْ صِرْفًا وَلَا تَحْرُمُ إِذَا مُزِجَتْ بِغَيْرِهَا.
لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " حُرِّمَتِ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا، وَالسُّكْرُ مِنْ كل شراب) .
قالوا: وليست الممزوجة بِعَيْنِهَا، فَلَمْ يَتَوَجَّهْ إِلَيْهَا التَّحْرِيمُ، وَهَذَا تَأْوِيلٌ فَاسِدٌ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عُمُومِ النَّصِّ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَوْ حَلَّتْ بِالْمَزْجِ لَبَطَلَ مَقْصُودُ التَّحْرِيمِ، وَلَجَازَ إِذَا أُلْقِيَ فِيهَا حصاة أو عود أن تحل، ولتوصل إِلَى مُرَادِ شُرْبِهَا إِلَى الِاسْتِبَاحَةِ، وَلَمْ يَكُنْ للنصوص فيها تأثير، وسنذكر معنى الْحَدِيثِ مِنْ بَعْدُ.
فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا لَمْ يَخْلُ حَالُ شَارِبِهَا مِنْ أَنْ يَسْتَحِلَّ شُرْبَهَا أولا.
فَإِنْ شَرِبَهَا مُسْتَحِلًّا كَانَ كَافِرًا بِاسْتِحْلَالِهَا؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَلَّ مَا حَرَّمَهُ النَّصُّ. فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ المرتد في الْقِتَالِ إِنْ لَمْ يَتُبْ.
وَإِنْ شَرِبَهَا غَيْرَ مُسْتَحِلٍّ لَمْ يَكْفُرْ.
وَتَعَلَّقَ بِشُرْبِهَا ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ: