الحاوي الكبير (صفحة 6372)

ثُمَّ لَا يَشْرَبُونَهَا حَتَّى يُصَلُّوا الْعَصْرَ، ثُمَّ يَشْرَبُونَهَا حَتَّى يَنْتَصِفَ اللَّيْلُ وَيَنَامُونَ ثُمَّ يَقُومُونَ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُمْ مُصِحُّونَ.

وَأَمَّا الْآيَةُ الثَّالِثَةُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ، وَهِيَ قَوْله تَعَالَى: {إنما الخمر والميسر} وقد مضى الكلام فيها، والأنصاب والأزلام فيها قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَنْصَابَ الْأَصْنَامُ الَّتِي تُعْبَدُ وَالْأَزْلَامَ قِدَاحٌ مِنْ خَشَبٍ يُسْتَقْسَمُ بِهَا.

وَالثَّانِي: الْأَنْصَاب حِجَارَةٌ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، كَانُوا يَذْبَحُونَ عَلَيْهَا، وَالْأَزْلَام تِسْعُ قِدَاحٍ ذَوَاتُ أَسْمَاءٍ، حَكَاهَا الْكَلْبِيُّ، يستقسمون بها في أمورهم ويجعلون لكل واحد منهما حكما ثم قال؛ {رجس من عمل الشيطان} وفيها أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: سُخْطٌ.

وَالثَّانِي: شَرٌّ.

وَالثَّالِثُ: إِثْمٌ.

وَالرَّابِعُ: حرام {من عمل الشيطان} أَيْ: مِمَّا يَدْعُو إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ وَيَأْمُرُ بِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِالْمَعَاصِي، وَلَا يَنْهَى إلا عن الطاعات، وأصل الرجس المستقذر الممنوع مِنْهُ، فَعَبَّرَ بِهِ عَنْ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مَمْنُوعًا منه، ثم قال {فاجتنبوه} يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ أَنْ تَفْعَلُوهُ.

وَالثَّانِي: فَاجْتَنِبُوا الشَّيْطَانَ أَنْ تُطِيعُوهُ {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَهْتَدُونَ.

وَالثَّانِي: تَسْلَمُونَ ثُمَّ قَالَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ والبغضاء في الخمر والميسر} بِحُصُولِ الشَرِّ وَالتَنَافُرِ لِحُدُوثِ السُّكْرِ وَغَلَبَةِ الْقِمَارِ ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الشَّيْطَانَ يَصُدُّكُمْ عَنْهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ سُكْرَ الْخَمْرِ يَصُدُّكُمْ عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ، وَطَلَبُ الْغَلَبَةِ فِي الْقِمَارِ يَشْغَلُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ {فَهَلْ انتم منتهون} فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: مُنْتَهُونَ عَمَّا نهى عَنْهُ من الخمر والميسر والأنصاب والأزلام وأخرجه مخرج الاستفهام وعيداً وتغليظاً [الأعراف: 33] .

وَالثَّانِي: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} عَنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ فِيمَا زَيَّنَهُ لَكُمْ مِنَ ارْتِكَابِ هَذِهِ الْمَعَاصِي وأما الآية الرابعة في سورة الأعراف وفي قَوْله تَعَالَى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وما بطن} فيه وجهان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015