الحاوي الكبير (صفحة 6335)

قَالَ: إِذَا سَرَقَ الْمَمْلُوكُ فَبِعْهُ وَلَوْ بِنَشٍّ) وَالَنَّشُّ نِصْفُ أُوقِيَّةٍ عِشْرُونَ دِرْهَمًا، فَأَمَرَ بِبَيْعِهِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِقَطْعِهِ.

وَرَوَى السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ جَاءَ بِغُلَامٍ لَهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: اقْطَعْ هَذَا فَإِنَّهُ سَرَقَ، فَقَالَ مَا الَّذِي سَرَقَ؟ فَقَالَ مِرْآةً لِامْرَأَتِي ثَمَنُهَا سِتُّونَ دِرْهَمًا، فَقَالَ: أَرْسِلْهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَطْعٌ، خَادِمُكُمْ سَرَقَ مَتَاعَكُمْ.

وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا مَنَعَا مِنْ قَطْعِ عَبْدٍ سَرَقَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ وَقَالَا: مَالُكُمْ سَرَقَ مَالَكُمْ فَصَارَ إِجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ لَا مُخَالِفَ لَهُمْ.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ خَالَفَهُمْ سَيِّدُ الْعَبْدِ حِينَ سَأَلَ قَطْعَهُ.

قِيلَ: إِنَّمَا يُؤَثِّرُ خِلَافُ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَكُنْ سَيِّدُهُ مِنْهُمْ فَلَمْ يَعُدْ قَوْلُهُ خِلَافًا.

وَلِأَنَّ نَفَقَةَ العبد لما كانت مستحقة في مَالِ سَيِّدِهِ كَانَتْ شُبْهَةً لَهُ فِي سُقُوطِ قَطْعِهِ كَالْوَالِدِ فِي مَالِ الْوَلَدِ.

وَلِأَنَّ يَدَ الْعَبْدِ يَدٌ لِسَيِّدِهِ فَصَارَ مَا سَرَقَهُ غَيْرَ خَارِجٍ مِنْ يَدِهِ فَلَمْ يُقْطَعْ.

وَلِأَنَّ قَطْعَ السَّارِقِ لِحِفْظِ مَالِ الْمَالِكِ وَفِي قَطْعِ عَبْدِهِ في ماله استهلاك لماله، فأما زناؤه بِأَمَةِ سَيِّدِهِ فَلَا يَسْقُطُ فِيهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ الْحِرْزَ فِيهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَثُبُوتُ الْيَدِ فِيهِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فَخَالَفَ بِذَلِكَ قَطْعَ السَّرِقَةِ.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ والمدبر، والمكاتب، وَأُمِّ الْوَلَدِ، وَمَنْ فِيهِ جُزْءٌ مِنَ الرِّقِّ وَإِنْ قَلَّ، وَكَذَلِكَ عَبْدُ الْمُكَاتَبِ وَعَبْدُ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فِي سُقُوطِ الْقَطْعِ عَنْ جميعهم لثبوت رقه عليهم.

(مسألة)

قال الشافعي: " ولا عَلَى زَوْجٍ سَرَقَ مِنْ مَتَاعِ زَوْجَتِهِ وَلَا عَلَى امْرَأَةٍ سَرَقَتْ مِنْ مَتَاعِ زَوْجِهَا وَلَا على عبد واحد منهما سرق من متاع صاحبه للأثر والشبهة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015