وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُقْطَعُ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَصْلِهِ فِي السَّارِقِ إِذَا سَرَقَ مِنَ الْحِرْزِ وَلَمْ يَدْخُلْهُ لَمْ يُقْطَعْ.
وَهَذَا أَصْلٌ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ وَاهِيًا؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُهُ إِذَا أَدْخَلَ يَدَهُ إِلَى كُمِّهِ، وَلَا يَقْطَعُهُ إِذَا أَدْخَلَ يَدَهُ إِلَى الْحِرْزِ.
فَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ دُخُولَهُ إِلَى الْكُمِّ مُمْتَنِعٌ وَدُخُولَهُ إِلَى الْحِرْزِ مُمْكِنٌ، كان هذا الفرق موجباً لافتراق الحكم فيهما وَالْحُكْمُ فِيهِمَا لَا يَفْتَرِقُ فَبَطَلَ التَّعْلِيلُ بِالدُّخُولِ وثبت التعليل بما قلناه مِنْ خُرُوجِ السَّرِقَةِ مِنْ حِرْزِهَا بِفِعْلِهِ لِاسْتِمْرَارِهِ وَاطِّرَادِهِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الطَّرَّارِ كَوُجُودِهِ فِي النَّقَّابِ.
وَإِذَا سَرَقَ مِنْ حِلْيَةِ فَرَسٍ عَلَيْهِ رَاكِبُهُ قُطِعَ سَوَاءٌ سَرَقَ مِنْ لِجَامٍ على رأسها أو من ثغر عَلَى كَفَلِهَا، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: يُقْطَعُ إِذَا سَرَقَ مِنْ لِجَامِ رَأْسِهَا وَلَا يُقْطَعُ إذا سرق من ثغر كَفَلِهَا بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّهُ يُضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْ بِمُقَدَّمِهَا، وَلَا يُضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْ بِمُؤَخَّرِهَا وَعِنْدَنَا يُضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْ بِهِمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.