الحاوي الكبير (صفحة 6251)

وَالثَّانِي: أَنَّهُ حُرٌّ فِي الظَّاهِرِ.

فَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ مَجْهُولُ الْأَصْلِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ قَاذِفِهِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ عَبْدٌ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ المقذوف البينة أنه حر.

فإن قِيلَ: إِنَّهُ حُرٌّ فِي الظَّاهِرِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَقْذُوفِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ حُرٌّ اعْتِبَارًا بِالظَّاهِرِ مِنْ حَالِهِ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ الْقَاذِفُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ قَاذِفِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ حُدُودَ الْأَبْدَانِ مَوْضُوعَةٌ عَلَى إِدْرَائِهَا بِالشُّبْهَةِ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْقَذْفِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَاذِفِ دُونَ الْمَقْذُوفِ.

وَقَالَ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ: إِذَا قَالَ الْجَانِي وَهُوَ حُرٌّ إِنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ عَبْدٌ فَلَا قَوَدَ لَهُ، وَقَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ: أَنَا حُرٌّ فَلِيَ الْقَوَدُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ دُونَ الْجَانِي، فَخَالَفَ بَيْنَ الْقَذْفِ وَالْجِنَايَةِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ نَقَلُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْجَوَابَيْنِ إِلَى الْآخَرِ وَخَرَّجُوا الْقَذْفَ وَالْجِنَايَةَ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَاذِفِ وَالْجَانِي مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ عَبْدٌ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي الْقَذْفِ، وَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ فِي الْجِنَايَةِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَقْذُوفِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنَّهُ حُرٌّ وَلَهُ الْحَدُّ فِي الْقَذْفِ وَالْقَوَدِ فِي الجناية.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ وَالْجَوَابُ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي الْقَذْفِ قَوْلَ الْقَاذِفِ دُونَ الْمَقْذُوفِ، وَفِي الْجِنَايَةِ القول قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ دُونَ الْجَانِي وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ سُقُوطَ الْحَدِّ يُوجِبُ الِانْتِقَالَ إِلَى رَادِعٍ مِنْ جِنْسِهِ وَهُوَ التَّعْزِيرُ، فجاز أن يسقط، وليس كذلك القول؛ لِأَنَّهُ إِذَا أُسْقِطَ لَمْ يُوجِبْ الِانْتِقَالَ إِلَى رَادِعٍ مِنْ جِنْسِهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَسْقُطْ.

وَالثَّانِي: أن التَّعْزِيرُ بَعْدَ سُقُوطِ الْحَدِّ يَقِينٌ؛ لِأَنَّهُ بَعْضُ الحد، والدية بعد سقوط الحد شَكٌّ، فَجَازَ الِانْتِقَالُ إِلَى يَقِينٍ وَلَمْ يَجُزْ الانتقال إلى شك.

( [مسألة)

قال الشافعي: " ولا يحد في التعريض لأن الله تعالى أباح التعريض فيما حرم عقده فقال {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أجله} وقال تعالى {ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015