الحاوي الكبير (صفحة 6214)

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: نَقَلَهُ الرَّبِيعُ وَقَالَ: رَجَعَ الشَّافِعِيُّ إِلَيْهِ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ كَحَدِّ الزِّنَا يُرْجَمُ فِيهِ الْمُحْصَنُ وَيُجْلَدُ الْبِكْرُ مِائَةً وَيُغَرَّبُ عَامًا.

وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ، لِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بالثيب جلد مائة والرجم) ولأنه لما وجب الْفَرْقُ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ فِيمَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ فِيهِ كَانَ أَوْلَى أَنْ يَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِيمَا اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ فِيهِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرُ بَالِغٍ عُزِّرَ وَلَمْ يُحَدَّ.

[حُكْمُ السِّحَاقِ]

فَأَمَّا السِّحَاقُ وَهُوَ إِتْيَانُ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ فَهُوَ مَحْظُورٌ كَالزِّنَا وَإِنْ خَالَفَهُ فِي حَدِّهِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " السِّحَاقُ زِنَا النِّسَاءِ بَيْنَهُنَّ) .

وَالْوَاجِبُ فيه التعزير دون الحد لعدم الإيلاج بينهما.

(فصل)

[حكم إتيان البهائم]

وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي إِتْيَانِ الْبَهَائِمِ فَهُوَ مِنَ الْفَوَاحِشِ الْمُحَرَّمَةِ.

رَوَى ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حنيفة عَنْ دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ) .

وَرَوَاهُ أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي اخْتِلَافِ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ: إِنْ صَحَّ قُلْتُ بِهِ، لِأَنَّ فِي رِوَايَتِهِ ضَعْفًا، فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا قُتِلَ وَقُتِلَتِ الْبَهِيمَةُ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ ففيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: يُقْتَلُ وَفِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: رجماً بالحجارة قاله البغداديون.

والثاني: صبراً بالسيف قاله البصريون، وسواء كان بكراً أو ثيباً، ولأنه فَرْجٌ لَا يُسْتَبَاحُ بِحَالٍ فَكَانَ حُكْمُهُ أَغْلَظَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015