فَقُلْتُ لِلَّذِي يَلِينِي: مَا قَالَ؟
قَالَ: إِنَّ الْمَسِيحَ رَبُّهُ.
وَرُوِيَ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَدِمَ الْيَمَنَ وَبِهَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ يَهُودِيًّا أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ مُنْذُ شَهْرَيْنِ.
فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ، قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِذَلِكَ، فَقُتِلَ:
فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الْقَتْلِ بِرِدَّةِ الْمُسْلِمِ إِلَى الْكُفْرِ، فَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلِمُ مَوْلُودًا عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ كَانَ كَافِرًا فَأَسْلَمَ، أَوْ صَارَ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ صَارَ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، لَمْ يُقْتَلْ بِالرِّدَّةِ لِضَعْفِ إِسْلَامِهِ. وَهَذَا خَطَأٌ.
لِأَنَّهُ لَمَّا جَرَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ فِي الْعِبَادَاتِ وَأَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَوَارِيثِ وَالشَّهَادَاتِ، وَجَبَ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِسْلَامِ فِي الرِّدَّةِ كَغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا كَانَ فِي غَيْرِ الرِّدَّةِ كَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ.
وَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا تَبَعُّضَ فِيهِ، فَلَمْ تُبَعَّضْ فِيهِ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ. وَبِهِ يَفْسُدُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ ضَعْفِهِ.
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَأَيُّ كُفْرٍ ارْتَدَّ إِلَيْهِ مِمَّا يُظْهِرُ أَوْ يُسِرُّ مِنَ الزَّنْدَقَةِ ثُمَّ تَابَ لَمْ يُقْتَلْ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.
لَا يَخْلُو حَالُ الكفر إِذَا ارْتَدَّ إِلَيْهِ الْمُسْلِمُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَتَظَاهَرَ بِهِ أَهْلُهُ كَالْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ.
أَوْ يُسِرُّونَهُ كَالزَّنْدَقَةِ وَالنِّفَاقِ.
فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَظَاهَرُ بِهِ أَهْلُهُ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ مِنْهُ إِذَا ارْتَدَّ إِلَيْهِ سَوَاءٌ وُلِدَ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ كَانَ كَافِرًا وَأَسْلَمَ.
وَحَكَى الشَّافِعِيُّ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَحْسَبُهُ مَالِكًا أَنَّ الْمَوْلُودَ عَلَى الْإِسْلَامِ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ إِذَا ارْتَدَّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ حُكْمُ الْكُفْرِ بِحَالٍ، فَكَانَ أَغْلَظَ حُكْمًا مِمَّنْ جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الْكُفْرِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَهَذَا فَاسِدٌ.
وَلَكِنَّهُ لَوْ وَقَعَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ أَوْلَى، لِأَنَّ تَوْبَةَ الْمَوْلُودِ عَلَى الْإِسْلَامِ أَقْوَى، لِأَنَّهُ قَدْ