الحاوي الكبير (صفحة 6039)

(بَابُ كَيْفَ يَمِينُ مُدَّعِي الدَّمِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ)

(مسألة)

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا وَجَبَتْ لِرَجُلٍ قَسَامَةٌ حَلَفَ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمِ خَائِنَةِ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ لَقَدْ قَتَلَ فُلَانٌ فُلَانًا مُنْفَرِدًا بِقَتْلِهِ مَا شَارَكَهُ فِي قَتْلِهِ غَيْرُهُ وإن ادعى على آخر معه حلف لقتل فلان وآخر معه فلاناً منفردين بقتله ما شاركهما فيه غيرهما) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، إِذَا كَانَ مِنْ شَرْطِ الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مُفَسَّرَةً، يَنْتَفِي عَنْهَا الِاحْتِمَالُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْيَمِينُ عَلَيْهَا مُطَابِقَةً لَهَا فِي اسْتِيفَاءِ شُرُوطِهَا وَنَفْيِ الِاحْتِمَالِ.

وَذَلِكَ بِخَمْسَةِ أَشْيَاءَ هِيَ شُرُوطٌ فِي كَمَالِ يَمِينِهِ وَوُجُوبِ الْحُكْمِ بِهَا، ذَكَرَ الْمُزَنِيُّ مِنْهَا أَرْبَعَةً وَأَغْفَلَ الْخَامِسَ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ، فِي كِتَابِ الْأُمِّ.

أَحَدُهَا: صِفَةُ الْيَمِينِ.

وَالثَّانِي: تَعْيِينُ الْقَاتِلِ.

وَالثَّالِثُ: تَعْيِينُ الْمَقْتُولِ.

وَالرَّابِعُ: ذِكْرُ الِانْفِرَادِ بِقَتْلٍ، أَوِ الِاشْتِرَاكِ فِيهِ.

وَالْخَامِسُ: وَهُوَ الَّذِي أَغْفَلَهُ الْمُزَنِيُّ صِفَةُ الْقَتْلِ مِنْ عَمْدٍ وَخَطَأٍ.

فَأَمَّا الْيَمِينُ فَلَا تَصِحُّ إِلَّا بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: إِمَّا بِاللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ وَإِمَّا بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، وَلَا تَصِحُّ بِصِفَاتِ أَفْعَالِهِ لِأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ، وَصِفَاتُ ذَاتِهِ قَدِيمَةٌ، وَالْيَمِينُ بِالْمَخْلُوقَاتِ لَا تَصِحُّ، وَإِنْ كَانَتْ مُعَظَّمَةً فَيَمِينُهُ بِاللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَقُولَ وَاللَّهِ أَوْ بِاللَّهِ، أَوْ تَاللَّهِ فَيَضُمُّ إِلَيْهِ حَرْفَ الْقَسَمِ بِهِ وَهُوَ أَحَدُ ثَلَاثَةِ حُرُوفٍ الْوَاوُ - وَالْبَاءُ - وَالتَّاءُ - وَدُخُولُ حَرْفِ الْقَسَمِ عَلَيْهِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ إِعْرَابُهُ مَجْرُورًا فَيَقُولُ وَاللَّهِ بِالْكَسْرِ فَإِنْ جَعَلَهُ مَرْفُوعًا فَقَالَ وَاللَّهُ بِالضَّمِّ، أَوْ جَعَلَهُ مَنْصُوبًا فَقَالَ وَاللَّهَ بِالْفَتْحِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأُمِّ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ لَحْنٌ لَا يُزِيلُ الْمَعْنَى وَلَمْ يُفَرِّقْ، وَفَرَّقَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015