أن يسل عَنِ الْعَمْدِ وَعَنْ شِبَهِ الْعَمْدِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ خَطَأً مَحْضًا وَلَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ فِي الْخَطَأِ الْمَحْضِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ صِفَةِ الْخَطَأِ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ الْمَضْمُونُ بِمَا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ.
وَلِأَنَّهُ قَدْ يَسْقُطُ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا لِقَتْلِهِ، فَإِذَا سَأَلَهُ عَنْ صِفَتِهِ لَمْ يَخْلُ مَا وَصَفَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ خَطَأً مَضْمُونًا، فَتُوَافِقُ صِفَتُهُ دَعْوَاهُ، فَيُحْكَمُ لَهُ بِالْقَسَامَةِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَصِفَهُ بِمَا لَا يَكُونُ قَتْلًا مَضْمُونًا، فَلَا قَسَامَةَ له، والمدعى عليه برئ مِنَ الدَّعْوَى.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَصِفَهُ بِمَا يَكُونُ عَمْدَ الْخَطَأِ فَيُقْسِمُ عَلَى دَعْوَاهُ فِي الْخَطَأِ الْمَحْضِ دُونَ عَمْدِ الْخَطَأِ لِأَنَّ الدَّعْوَى أَقَلُّ مِنَ الصِّفَةِ فَصَارَ كَالْمُبْتَدِئِ بِهَا مِنْ زِيَادَةِ الصِّفَةِ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يَصِفَهُ بِمَا يَكُونُ عَمْدًا مَحْضًا.
فَالصِّفَةُ أَغْلَظُ مِنَ الدَّعْوَى فِي أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ:
أَحَدُهَا: اسْتِحْقَاقُ الْقَوَدِ فِي الْعَمْدِ وَسُقُوطُهُ فِي الْخَطَأِ.
وَالثَّانِي: تَغْلِيظُ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ وَتَخْفِيفُهَا فِي الْخَطَأِ.
وَالثَّالِثُ: تَعْجِيلُهَا فِي الْعَمْدِ وَتَأْجِيلُهَا فِي الْخَطَأِ.
وَالرَّابِعُ: اسْتِحْقَاقُهَا عَلَى الْجَانِي فِي الْعَمْدِ وَعَلَى الْعَاقِلَةِ فِي الْخَطَأِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ تَتَحَمَّلُ عَنْهُ دِيَةَ الْخَطَأِ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ الْجَانِي هُوَ الْمُحْتَمِلَ لِدِيَةِ الْخَطَأِ أَقْسَمَ عَلَى الدَّعْوَى دُونَ الصِّفَةِ وَيُحْكَمُ لَهُ بِدِيَةِ الْخَطَأِ دُونَ الْعَمْدِ.
فَإِنْ كَانَتْ لَهُ عَاقِلَةٌ تَتَحَمَّلُ عَنْهُ دِيَةَ الْخَطَأِ. نُظِرَ فَإِنْ رَجَعَ عَنِ الدَّعْوَى إِلَى الصِّفَةِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُقْسِمَ عَلَى الدَّعْوَى وَلَا عَلَى الصِّفَةِ، لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ فِي الدَّعْوَى مُتَوَجِّهَةٌ إِلَى الْعَاقِلَةِ وَفِي الصِّفَةِ مُتَوَجِّهَةٌ إِلَى الْجَانِي فَصَارَ فِي الدَّعْوَى أَبْرَأَ لِلْجَانِي وَفِي الصِّفَةِ أَبْرَأَ لِلْعَاقِلَةِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُقْسِمَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنِ الدَّعْوَى إِلَى الصِّفَةِ أَقْسَمَ عَلَى الدَّعْوَى دُونَ الصِّفَةِ وَحُكِمَ لَهُ بِدِيَةِ الْخَطَأِ دُونَ الْعَمْدِ.
وَإِذْ قَدْ مَضَى صِفَةُ الْعَمْدِ بما يكون عمداً فالحالة الثَّانِيَةُ أَنْ يَصِفَهُ بِمَا لَا يَكُونُ عَمْدًا، وَلَهُ فِي صِفَةِ الْعَمْدِ بِمَا لَيْسَ بِعَمْدٍ ثلاثة أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَصِفَهُ بِمَا لَا يَكُونُ عَمْدًا وَلَا خَطَأً مِنَ الْقَتْلِ الَّذِي لَا يُضَمَّنُ بِقَوَدٍ وَلَا