أَحَدُهُمَا: تُغَلَّظُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا فِيمَا قَلَّ مَنِ الدِّيَةِ وَكَثُرَ اعْتِبَارًا بِحُرْمَةِ الدَّمِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تُقَسَّطُ الْأَيْمَانُ عَلَى الدِّيَةِ وَتُغَلَّظُ فِيمَا دُونَهَا بِقَسْطِهَا مِنْ كَمَالِ الدِّيَةِ، فَإِنْ أَوْجَبَتْ نِصْفَ الدِّيَةِ، كَإِحْدَى الْيَدَيْنِ غُلِّظَتْ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ يَمِينًا، وَإِنْ أَوْجَبَتْ ثُلُثَ الدِّيَةِ كَالْجَائِفَةِ غُلِّظَتْ بِسَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا. وَإِنْ أَوْجَبَتْ عُشْرَ الدِّيَةِ كَالْإِصْبَعِ غُلِّظَتْ بِخَمْسَةِ أَيْمَانٍ. وَإِنْ أَوْجَبَتْ نِصْفَ عُشْرِهَا كَالْمُوضِحَةِ غُلِّظَتْ بِثَلَاثَةِ أَيْمَانٍ:
فَعَلَى هَذَا إِنْ كان المدعى عليه واحد حَلَفَ هَذِهِ الْأَيْمَانَ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَقَاوِيلِ فِيهَا وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً فَعَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَيْمَانِ الْمُخْتَلَفِ فِي عَدَدِهَا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُقَسَّطُ عَدَدُ الْأَيْمَانِ بَيْنَهُمْ عَلَى أَعْدَادِ رُؤُوسِهِمْ فَيَجِيءُ فِيمَا يَحْلِفُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِذَا كَانُوا خَمْسَةً وَكَانَتِ الدَّعْوَى فِي قَطْعِ أَحَدِ الْيَدَيْنِ خَمْسَةَ أقاويل:
أحدهما: يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا.
وَالثَّانِي: يَحْلِفُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا.
وَالثَّالِثُ: عَشَرَةَ أَيْمَانٍ.
وَالرَّابِعُ: خَمْسَةَ أَيْمَانٍ.
وَالْخَامِسُ: يَمِينًا وَاحِدَةً، فَإِنْ نَكَلُوا عَنِ الْأَيْمَانِ رُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي وَكَانَ حُكْمُهُ فِي تَغْلِيظِ الْأَيْمَانِ بِالْعَدَدِ مِثْلَ حُكْمِهِمْ عَلَى مَا رَتَّبْنَاهُ مِنَ الْأَقَاوِيلِ وَشَرَحْنَاهُ مِنَ التَّفْصِيلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَسْتَحِقَّ بِالدَّعْوَى أَكْثَرَ مِنَ الدِّيَةِ مِثْلَ قَطْعِ الْيَدَيْنِ مَعَ الرِّجْلَيْنِ، أَوْ جَدْعِ الْأَنْفِ مَعَ اللِّسَانِ، فَتَشْتَمِلُ الدَّعْوَى عَلَى دِيَتَيْنِ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْأَيْمَانَ لَا تُغَلَّظُ بِالْعَدَدِ فِي الدِّيَةِ وَمَا دُونَهَا لَمْ تُغَلَّظْ بِالْعَدَدِ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا، وَاقْتُصِرَ فِيهَا عَلَى يَمِينٍ وَاحِدَةٍ وَإِنِ اشْتَمَلَتْ عَلَى دِيَتَيْنِ. وَإِنْ قِيلَ إِنِ الْأَيْمَانَ تُغَلَّظُ بِالْعَدَدِ فِي الدِّيَةِ وَمَا دُونَهَا. فَأَوْلَى أَنْ تُغَلَّظَ بِالْعَدَدِ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا، وَهَلْ تَكُونُ الزِّيَادَةُ عَلَى الدِّيَةِ مُوجِبَةً لِزِيَادَةِ الْعَدَدِ فِي الْأَيْمَانِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا تُوجِبُهَا لِأَنَّ الْخَمْسِينَ غَايَةُ الْعَدَدِ فِي التَّغْلِيظِ فَلَمْ يَحْتَجِ التَّغْلِيظُ إِلَى تَغْلِيظٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّ الْخَمْسِينَ تَغْلِيظٌ مُقَدَّرٌ فِي دِيَةِ النَّفْسِ فَصَارَ غَايَةً فيها فلم يصير غَايَةً فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا.
فَعَلَى هَذَا لَوْ أَوْجَبَتِ الدَّعْوَى دِيَتَيْنِ تَغَلَّظَتِ الْأَيْمَانُ بِمِائَةِ يَمِينٍ، وإن أوجبت دية