رَجَعَ عَنِ الدَّعْوَى إِلَى الصِّفَةِ فَلَا يُقْسِمْ وَإِنْ جَهِلَ صِفَةَ الْقَتْلِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَحْلِفُ لِلْجَهْلِ بِمُوجِبِهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: - هُوَ قَوْلٌ يُذْكَرُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ - إِنَّهُ يُقْسِمُ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِصِفَةِ الْقَتْلِ لَيْسَ جَهْلًا بِمُوجِبِهِ فَإِذَا أَقْسَمَ يُحْبَسُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَتَّى يَبِينَ فَإِنْ تَطَاوَلَ زَمَانُهُ أُحْلِفَ أَنَّهُ مَا قَتَلَهُ عَمْدًا وَلَزِمَ الدِّيَةَ مِنَ الْخَطَأِ مِنْ مَالِهِ مُؤَجَّلَةً وَفِي تَغْلِيظِهَا بِالْعَمْدِ وَجْهَانِ.
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ جُرِحَ رَجُلٌ فَمَاتَ أُبْطِلَتِ الْقَسَامَةُ لِأَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ وَلَوْ كَانَ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ كانت فيه القسامة للوارث) .
قال الماوردي: وَلَوْ كَانَ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ كَانَتْ فِيهِ القسامة للوارث، إِذَا ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ وَمَعَهُ لَوْثٌ ثُمَّ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ فَلَا قَسَامَةَ لِوَارِثِهِ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّ مَالَهُ قَدْ صَارَ فَيْئًا لَا يُورَثُ عَنْهُ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقْسِمَ مَنْ لَا يَرِثُ.
وَالثَّانِي: إِنَّ سِرَايَةَ الْجُرْحِ فِي الرِّدَّةِ لَا تُوجِبُ ضَمَانَ النَّفْسِ وَمَا دُونَ النَّفْسِ لَا قَسَامَةَ فِيهِ. فَأَمَّا إِذَا عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ رِدَّتِهِ فَالْحُكْمُ فِي الدِّيَةِ وَالْقَوَدِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلْجُرْحِ سِرَايَةٌ فِي الرِّدَّةِ فَالدِّيَةُ كَامِلَةٌ وَفِي سُقُوطِ الْقَوَدِ قَوْلَانِ وَإِنْ كَانَ لَهُ سِرَايَةٌ فِي الرِّدَّةِ سَقَطَ الْقَوَدُ وَفِي كَمَالِ الدِّيَةِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً.
وَالثَّانِي: نَصِفُهَا. وَمَالُهُ مَوْرُوثٌ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الرِّدَّةِ سِرَايَةٌ وَفِي قَسَامَتِهِمْ إِذَا سَرَتْ فِي الرِّدَّةِ. وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَهُمُ الْقَسَامَةُ وَإِنْ مَلَكُوا بِهَا بَعْضَ الدِّيَةِ لِأَنَّهَا دِيَةُ نَفْسٍ وَإِنْ لَمْ تَكْتَمِلْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهُ لَا قَسَامَةَ لَهُمْ لِذَهَابِ اللَّوْثِ بِالسِّرَايَةِ فِي الرِّدَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(مسألة)
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ جُرِحَ وَهُوَ عَبْدٌ فَعُتِقَ ثُمَّ مَاتَ حُرًّا وَجَبَتْ فِيهِ الْقَسَامَةُ لِوَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ وَلِسَيِّدَةِ الْمُعْتِقِ بِقَدْرِ مَا يَمْلِكُ فِي جِرَاحِهِ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا قُطِعَتْ يَدُ الْعَبْدِ مَعَ لَوْثٍ ثُمَّ أُعْتِقَ وَمَاتَ مِنَ الْجِنَايَةِ حُرًّا فَفِيهِ دِيَةُ حُرٍّ وَلِلسَّيِّدِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ عَبْدًا لِأَنَّ فِي الْيَدِ نِصْفَ الْقِيمَةِ أَوْ جَمِيعَ دِيَتِهِ حُرًّا لِأَنَّهَا قَدْ سَرَتْ إِلَى نَفْسِهِ بَعْدَ حُرِّيَّتِهِ.
فَإِنْ كَانَتِ الدِّيَةُ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ اسْتَحَقَّهَا السَّيِّدُ وَحْدَهُ وَكَانَ هُوَ الْمُقْسِمَ دُونَ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَتْ نِصْفُ الْقِيمَةِ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ اسْتَحَقَّهَا السَّيِّدُ وَكَانَ بَاقِي الدِّيَةِ لِوَرَثَةِ الْعَبْدِ فَيَشْتَرِكُ السَّيِّدُ وَالْوَرَثَةُ فِي الْقَسَامَةِ، لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الدِّيَةِ وَلَا تُجْزِئُ قسامة