الحاوي الكبير (صفحة 6000)

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ عَلَى الْحَاضِرِ آثَارُ قَتْلِهِ فَيَصِيرُ بِاجْتِمَاعِهَا لَوْثًا، فَإِنْ أَخَلَّ شَرْطٌ مِنْهَا فَكَانَ هُنَاكَ عَيْنُ إِنْسَانٍ أَوْ سَبُعٍ لَمْ يكن لوثا لجواز أن يكون القتل من تِلْكَ الْعَيْنِ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ أَثَرٌ لِهَارِبٍ لَمْ يَكُنْ لَوْثًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ مِنَ الْهَارِبِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْقَتْلُ طَرِيًّا لَمْ يَكُنْ لَوْثًا لِبُعْدِهِ عَنْ شَوَاهِدِ الْحَالِ وَجَوَازِ تَغَيُّرِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْحَاضِرِ آثَارُ قَتْلِهِ لَمْ يَكُنْ لَوْثًا لِظُهُورِ الِاحْتِمَالِ.

(مسألة)

قال الشافعي رضي الله عنه: " أَوْ صَفَّيْنِ فِي حَرْبٍ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا نَوْعٌ رَابِعٌ مِنَ اللَّوْثِ، أَنْ يُوجَدَ الْقَتِيلُ بَيْنَ صَفَّي حَرْبٍ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَتْلُهُ قَبْلَ الْتِحَامِ الْحَرْبِ وَاخْتِلَاطِ الصُّفُوفِ فَيُنْظَرُ فِي مَصْرَعِهِ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَنَالَهُ سِلَاحُ أَصْحَابِهِ وَلَا يَنَالُهُ سِلَاحُ أَضْدَادِهِ فَيَكُونُ اللَّوْثُ مَعَ أَصْحَابِهِ بِهِ دون أضداده.

والحالة الثَّانِيَةُ: أَنْ يَنَالَهُ سِلَاحُ أَضْدَادِهِ وَلَا يَنَالَهُ سلاح أصحابه فيكون اللوث مع أضداد.

والحالة الثَّالِثَةُ: أَنْ يَنَالَهُ سِلَاحُ أَصْحَابِهِ وَسِلَاحُ أَضْدَادِهِ فَفِيهِ لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ الْبَغْدَادِيِّينَ، أَنْ يَكُونَ لَوْثًا مَعَ أَضْدَادِهِ لِاخْتِصَاصِهِمْ بِعَدَاوَتِهِ دُونَ أَصْحَابِهِ الْمُخْتَصِّينَ بِنُصْرَتِهِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ أَنْ يَكُونَ لَوْثًا مَعَ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَأَضْدَادِهِ، لِأَنَّ عَدَاوَةَ أَضْدَادِهِ عَامَّةٌ وقد يكون في أصحابه مع عَدَاوَةٍ خَاصَّةٍ كَالْمَحْكِيِّ مِنْ قَتْلِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي وَقْعَةِ الجعل.

قِيلَ: إِنَّهُ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا أَرَادَ قَتْلَ غَيْرِهِ فَأَخْطَأَهُ إليه فَصَارَ قَتْلُهُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ مُحْتَمَلًا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَتْلُهُ بَعْدَ الْتِحَامِ الْحَرْبِ وَاخْتِلَاطِ الصفوف فهذا على ثلاثة أقسام:

أحدهما: أَنْ يَكُونَ أَصْحَابُهُ مُنْهَزِمِينَ وَأَضْدَادُهُ طَالِبِينَ فَيَكُونُ لَوْثًا مَعَ أَضْدَادِهِ دُونَ أَصْحَابِهِ لِأَنَّ الْمُنْهَزِمَ يَخَافُ وَالطَّالِبَ مُنْتَقِمٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015