الْوَاطِئُ. ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ، وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَخْلُ الْغُرَّةُ وَعُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أقسام:
أحدهما: أَنْ يَسْتَوِيَا وَلَا يُفَضَّلَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِأَخْذِهَا مِنَ الْجَانِي وَلَا شَيْءَ فِيهَا لِلْوَاطِئِ، وَلَا عَلَيْهِ، فَإِنْ أَرَادَ الْوَاطِئُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا مِنَ الْجَانِي وَيُعْطِيَهَا لِلسَّيِّدِ أَوْ غَيْرِهِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، لِأَنَّ الْغُرَّةَ لَهُ وَعُشْرَ الْقِيمَةِ عَلَيْهِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْغُرَّةُ أَكْثَرَ مِنْ عُشْرِ الْقِيمَةِ فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا عُشْرَ الْقِيمَةِ وَيَأْخُذَ الْوَاطِئُ فَاضِلَهَا.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ عُشْرُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَرْجِعَ عَلَى الْوَاطِئِ بالباقي من عشر القيمة.
وَإِذَا زَنَا الْمُسْلِمُ بِحَرْبِيَّةٍ كَانَ وَلَدُهَا مِنْهُ كَافِرًا، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ فِي نَسَبِهِ فَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ فِي دِينِهِ، وَلَوْ ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا كَانَ هَدَرًا لَا يُضْمَنُ كَأُمِّهِ، وَلَوْ وَطِئَ الْمُسْلِمُ حَرْبِيَّةً بِشُبْهَةٍ كَانَ وَلَدُهَا مُسْلِمًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَحِقَ بِهِ فِي نَسَبِهِ لَحِقَ بِهِ فِي دِيَتِهِ، فَلَوْ ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا كَانَ مَضْمُونًا عَلَى الضَّارِبِ بِغُرَّةِ الْجَنِينِ الْمُسْلِمِ، فَلَوْ وَقَعَ التَّنَازُعُ فِي جَنِينِهَا مِنْ وَطْءِ الْمُسْلِمِ هَلْ هُوَ مِنْ زِنًا أَوْ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَادَّعَتِ الْأُمُّ الْحَرْبِيَّةُ أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، فَإِنْ أَكْذَبَهَا الضَّارِبُ وَعَاقِلَتُهُ، وَقَالُوا هُوَ من زنا فالقول قولهم من أَيْمَانِهِمْ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِمْ، فَإِنْ صَدَّقَهَا الضَّارِبُ وَكَذَّبَتْهَا عَاقِلَتُهُ ضَمِنَ الضَّارِبُ جَنِينَهَا دُونَ الْعَاقِلَةِ، وَحَلَفَتِ الْعَاقِلَةُ لِلضَّارِبِ دُونَ الْأُمِّ فَبَرِئُوا مِنَ الْغُرْمِ، وَإِنْ صَدَّقَهَا الْعَاقِلَةُ وَكَذَّبَهَا الضَّارِبُ ضَمِنَتِ الْعَاقِلَةُ جَنِينَهَا وَلَا يَمِينَ عَلَى الضَّارِبِ فِي إِنْكَارِهِ لِتَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ عنه.
(فَصْلٌ)
وَإِذَا كَانَتِ الْأَمَةُ الْحَامِلُ مَمْلُوكَةً بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْهَا وَضَرَبَ ضَارِبٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا لَمْ يَخْلُ حَالُ الشَّرِيكِ الْمُعْتِقِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أُعْتِقَتْ حِصَّتُهُ مِنْهَا وَمِنْ جَنِينِهَا، لِأَنَّ عِتْقَ الْأُمِّ يَسْرِي إِلَى حَمْلِهَا، وَكَانَ الْبَاقِي مِنْهَا وَمِنْ جَنِينِهَا مَوْقُوفًا لِلشَّرِيكِ فِيهَا، فَيُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ حال الضارب فإنه لا يخلوا مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُعْتِقَ أَوْ يَكُونَ الشَّرِيكَ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ، أَوْ يَكُونَ أَجْنَبِيًّا.
فَإِنْ كَانَ الضَّارِبُ هُوَ الشَّرِيكَ الْمُعْتِقَ ضَمِنَ جَنِينَهَا بِنِصْفِ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ لِلشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ نِصْفَهُ مَمْلُوكٌ لَهُ وَبِنِصْفِ الْغُرَّةِ لِأَنَّ نِصْفَهُ حُرٌّ، وَفِي مُسْتَحَقِّهِ قَوْلَانِ، وَوَجْهٌ ثَالِثٌ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ الْمَذْهَبِ فِيمَنْ عُتِقَ بَعْضُهُ هَلْ يَكُونُ مَوْرُوثًا؟ عَلَى قولين للشافعي: