وَاسْتُدِلَّ عَلَى اعْتِبَارِهِ بِنَفْسِهِ بِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الْفَرْقُ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا أَوْ حُرًّا وَفِي جَنِينِ الْكَافِرَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا دَلَّ عَلَى اعْتِبَارِهِ بِنَفْسِهِ لَا بِغَيْرِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مِنْ أَبَوَيْهِ فَلَمَّا لَمْ يُعْتَبَرْ بِأَبِيهِ لَمْ يُعْتَبَرْ بِأُمِّهِ، وَإِذَا سَقَطَ اعْتِبَارُهُ بِهِمَا وَجَبَ اعْتِبَارُهُ بِنَفْسِهِ.
وَاسْتُدِلَّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الْفَرْقُ فِي إِلْقَائِهِ حَيًّا بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَجَبَ أَنْ يَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي إِلْقَائِهِ مَيِّتًا.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَوْرُوثٌ وَاسْتِحْقَاقُ التَّوَارُثِ يُوجِبُ الْفَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى كَالْوَارِثِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِهِ بِغَيْرِهِ شَيْئَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا اعْتُبِرَتْ قِيمَةُ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ؛ لِأَنَّهُ إِنْ قُوِّمَ مَيِّتًا لَمْ تَكُنْ لِلْمَيِّتِ قِيمَةٌ، وَإِنْ قُوِّمَ حَيًّا لَمْ تَكُنْ لَهُ حَيَاةٌ فَوَجَبَ أَنْ يَعْدِلَ عَنْ تَقْوِيمِهِ عِنْدَ اسْتِحَالَتِهَا إِلَى تَقْوِيمِ أَصْلِهِ كَمَا يَجْعَلُ الْعَبْدَ أَصْلًا لِلْحُرِّ فِي الْحُكُومَاتِ، وَيَجْعَلُ الْحُرَّ أَصْلًا لِلْعَبْدِ فِي الْمُقَدَّرَاتِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ قُوِّمَ بِنَفْسِهِ لَوَجَبَ اسْتِيفَاءُ قِيمَتِهِ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ، وَلَمَّا لَمْ يُسْتَوْفَ قِيمَتُهُ لِاعْتِبَارِهِ بِغَيْرِهِ كَانَ أَصْلُ التَّقْوِيمِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُعْتَبَرًا بِغَيْرِهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى شَيْئَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ حُرْمَتَهُ حُرًّا أَغْلَظُ مِنْ حُرْمَتِهِ مَمْلُوكًا، فَلَمَّا اسْتَوَى الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي أَغْلَظِ حَالَيْهِ حُرًّا كَانَ أَوْلَى أَنْ يَسْتَوِيَ فِي أَخَفِّ حَالَيْهِ مَمْلُوكًا.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى يُوجِبُ تَفْضِيلَ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى كَالدِّيَاتِ وَالْمَوَارِيثِ وَهُمْ لَا يُفَضِّلُونَهُ، وَتَفْضِيلُ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ وَإِنْ كان مذهبهم مفضياً إليه مدفوع بِالشَّرْعِ فَوَجَبَتِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا لِامْتِنَاعِ مَا عَدَاهُ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِوُقُوعِ الْفَرْقِ بَيْنَ حُرِّيَّتِهِ وَرِقِّهِ وَبَيْنَ إِسْلَامِهِ وَكُفْرِهِ فَهُوَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُ لَمَّا اعْتُبِرَ إِسْلَامُهُ وَكُفْرُهُ وَحُرِّيَّتُهُ وَرِقُّهُ بِغَيْرِهِ لَا بِنَفَسِهِ جَازَ مِثْلُهُ فِي بدل نفسه.