وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُؤَدِّيهَا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، لِأَنَّ قِسْطَ الْعَاقِلَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ ثُلُثُهَا، وَالْغُرَّةُ أَقَلُّ مِنَ الثُّلُثِ فَكَانَ أَوْلَى أَنْ تُؤَدَّى فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ.
قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِنْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ ضَمِنه مِنَ الضَّرْبَةِ حَتَّى طَرَحَتْهُ لَزِمَهُ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْجَانِي وَبَرِئَ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَجُمْلَةُ حَالِ الْمَرْأَةِ فِي ضَمَانِ جَنِينِهَا يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَدَّعِيَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ ضَرَبَ بَطْنَهَا حَتَّى أَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَيُنْكِرُ الْجَانِي الضَّرْبَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِضَرْبِهَا فَيَحْكُمُ بِهَا، وَيَلْزَمُهُ دِيَةُ جَنِينِهَا، وَبَيِّنَتُهَا عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَوْ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ الْمُنْفَرِدَاتِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَعْتَرِفَ بِضَرْبِهَا وَيُنْكِرَ أَنَّهُ جَنِينُهَا وَيَدَّعِيَ أَنَّهَا الْتَقَطَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ إِلَّا أَنْ تُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى إِسْقَاطِهِ وَبَيِّنَتُهَا شَاهِدَانِ أَوْ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ عُدُولٍ، لِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ عَلَى وِلَادَةٍ، فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا أَسْقَطَتْ هَذَا الْجَنِينَ الْمَيِّتَ يعينه حُكِمَ لَهَا بِإِسْقَاطِهِ وَدِيَتِهِ، وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهَا أَلْقَتْ جَنِينًا وَلَمْ يُعَيِّنُوهُ فِي الْجَنِينِ الَّذِي أَحْضَرَتْهُ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَشْهَدُوا لَهَا بِمَوْتِ الَّذِي أَلْقَتْهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنُوهُ فَيُحْكَمُ لَهَا بِالدِّيَةِ، لِأَنَّهُمْ قَدْ شَهِدُوا لَهَا بِجَنِينٍ مَضْمُونٍ وَتَعْيِينُهُ لَا يُفِيدُ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَشْهَدُوا بِمَوْتِهِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أحدهما: أن يكون لمدة لا تعيش لمثلها فيحكم لها بديته.
والضرب الثاني: أني يَكُونَ لِمُدَّةٍ يَجُوزُ أَنْ يَعِيشَ لِمثلِهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا فِي مَوْتِهِ، لِأَنَّ الَّذِي أَحْضَرَتْهُ مَيِّتًا لَمْ يَشْهَدُوا لَهَا بِإِسْقَاطِهِ وَالَّذِي شَهِدُوا بِإِسْقَاطِهِ لَمْ يَشْهَدُوا لَهَا بِمَوْتِهِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَعْتَرِفَ بِضَرْبِهَا وَإِسْقَاطِ جَنِينِهَا فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تُلْقِيَهُ عَقِيبَ ضَرْبِهَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا أَلْقَتْهُ مَيِّتًا مِنْ ضَرْبَةٍ وَإِنْ جَازَ أَنْ تُلْقِيَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْجَنِينِ، فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهَا أَلْقَتْهُ مِنْ غَيْرِ الضَّرْبِ مِنْ طَلْقٍ أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا مَعَ يَمِينِهَا، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تُلْقِيَهُ بَعْدَ زَمَانٍ طَوِيلٍ مِنْ ضربها، فإن لم تزل ضنية مَرِيضَةً مِنْ وَقْتِ الضَّرْبِ إِلَى وَقْتِ الْإِسْقَاطِ فَالظَّاهِرُ مِنْ إِلْقَائِهِ مَيِّتًا أَنَّهُ مِنَ الضَّرْبِ، فتجب ديته