الحاوي الكبير (صفحة 5972)

الْعَقْلَ "، وَلَمْ يُبَيِّنِ الْكَفَّارَةَ تَعْوِيلًا عَلَى إِثْبَاتِهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِأَنَّهُ كَأَعْضَائِهَا فقد أجبنا عنه.

(مسألة)

قال الشافعي رضي الله عنه: " ولا شيء لها في الأم ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

لَا شَيْءَ لِأُمِّ الجنين في ألم الضرب إذا لم بين لَهُ أَثَرٌ فِي بَدَنِهَا كَاللَّطْمَةِ وَالرَّفْسَةِ لَا تُوجِبُ غُرْمًا فِي رَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ، فَأَمَّا إجهاضها عند إلقائه فَفِيهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا أَبُو حَامِدٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي جامعه:

أحدهما: لا شي لَهَا فِيهِ أَيْضًا لِأَلَمِ الضَّرْبِ، لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْأَلَمِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَهَا فِيهِ حُكُومَةٌ، لِأَنَّهُ كَالْجُرْحِ فِي الْفَرْجِ عِنْدَ خُرُوجِ الْجَنِينِ مِنْهُ فَضَمِنَ بِالْحُكُومَةِ، فَلَوْ أَقَرَّتْ بِذَلِكَ أَثَّرَ الضَّرْبُ فِي بَدَنِهَا ضَمِنَ حُكُومَةَ الضَّرْبِ وَحُكُومَةَ الإجهاض.

(مسألة)

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلِمَنْ وَجَبَتْ لَهُ الْغُرَّةُ أَنْ لَا يَقْبَلَهَا دُونَ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَغْنِي بِنَفْسِهَا دُونَ هَذَيْنِ السِّنَّيْنِ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أُمِّهَا فِي الْبَيْعِ إِلَّا فِي هَذَيْنِ السِّنَّيْنِ فَأَعْلَى ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْغُرَّةُ فِي اللُّغَةِ فَتُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي أَوَّلِ الشَّيْءِ وَمِنْهُ قِيلَ لِأَوَّلِ الشَّهْرِ غُرَّتُهُ.

وَالثَّانِي: فِي جَيِّدِ الشَّيْءِ وَخِيَارِهِ وَمِنْهُ قِيلَ فُلَانٌ غُرَّةُ قَوْمِهِ إِذَا كَانَ أَسْرَاهُمْ، وَقَدْ أَطْلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْغُرَّةَ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ إِطْلَاقُهَا مَحْمُولًا عَلَى أَوَّلِ الشَّيْءِ وَخِيَارُ الْجِنْسِ، لأنه ليس أحداهما بِأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُرَادًا مِنَ الْآخَرِ فَحُمِلَ عَلَيْهِمَا مَعًا، وَإِذَا وَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَانَ أَوَّلُ الْجِنْسِ إِذَا خَرَجَ عَنِ الْجَيِّدِ مَرْدُودًا وَالْجَيِّدُ إِذَا خَرَجَ عَنْ أَوَّلِ السِّنِّ مَرْدُودًا، فَإِذَا اجْتَمَعَا مَعًا فِي السِّنِّ وَالْجَوْدَةِ كَانَ اجْتِمَاعُهُمَا مُرَادًا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ لِلْغُرَّةِ أول وَغَايَةً، فَأَمَّا أَوَّلُهُ فَسَبْعُ سِنِينَ أَوْ ثَمَانٍ؛ لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَعَلَهَا حَدًّا لِتَعْلِيمِهِ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ فَقَالَ: " عَلِّمُوهُمُ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ ".

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَسْتَقِلُّ فِيهَا بِنَفْسِهِ؛ وَلِذَلِكَ خُيِّرَ فِيهَا بَيْنَ أَبَوَيْهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنَ الْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ مَا لَهَا دُونَ سَبْعِ سِنِينَ؛ لِأَنَّهُ لِعَدَمِ النَّفْعِ فِيهِ لَيْسَ بغرة وإن كان بأول الشي من الغرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015