الحاوي الكبير (صفحة 5935)

نِصْفَ دِينَارٍ وَالْمُقِلُّ رُبُعَ دِينَارٍ، وَإِنْ عَدَلَ عَنْهُ إِعْوَازُ الْإِبِلِ إِلَى الدَّرَاهِمِ فَإِنْ قُدِّرَتْ بِاثْنَي عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ تَحَمَّلَ الْمُكْثِرُ مِنْهَا سِتَّةَ دَرَاهِمَ وَالْمُقِلُّ ثلاثة دراهم، لأن الدينار فيها مقابلاً لِاثْنَي عَشَرَ دِرْهَمًا، وَإِنْ قُدِّرَتْ بِقِيمَةِ مِائَةِ بَعِيرٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ مُحْتَمَلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَحَمَّلَ الْمُكْثِرُ مِنْهَا سِتَّةَ دَرَاهِمَ وَالْمُقِلُّ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا لَوْ قُدِّرَتْ بِالدَّرَاهِمِ اعْتِبَارًا بِقِيمَةِ الدِّينَارِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا عَدَلَ بِالْإِبِلِ إِلَى قِيمَةِ الْوَقْتِ وَجَبَ أَنْ يَعْدُلَ بِالدِّينَارِ إِلَى قِيمَةِ الْوَقْتِ، فَيَتَحَمَّلُ الْمُكْثِرُ مِنَ الدَّرَاهِمِ قِيمَةَ نِصْفِ دِينَارٍ بِسِعْرٍ وَقِيمَةٍ، وَالْمُقِلُّ قِيمَةَ رُبُعِ دِينَارٍ، لِأَنَّ الدِّينَارَ فِي وَقْتِهَا أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْهُ فِي وَقْتِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

(مسألة)

قال الشافعي رضي الله عنه: " ويحمل كُلَّ مَا كَثُرَ وَقَلَّ مِنْ قَتْلٍ أَوْ جَرْحٍ مِنْ حُرٍّ وَعَبْدٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا حَمَّلَهَا الْأَكْثَرَ دَلَّ عَلَى تَحْمِيلِهَا الْأَيْسَرَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ مِنَ الدِّيَةِ عَلَى خَمْسَةِ مَذَاهِبَ:

فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَحْمِلُ كُلَّ مَا كَثُرَ وَقَلَّ مِنْ قَتْلٍ وَجَرْحٍ.

وَقَالَ قَتَادَةُ، تَحْمِلُ دِيَةَ النَّفْسِ فِي الْقَتْلِ وَلَا تَحْمِلُ مَا دُونَ النَّفْسِ وَيَتَحَمَّلُهُ الْجَانِي.

وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ تَحْمِلُ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَصَاعِدًا وَيَتَحَمَّلُ الْجَانِي مَا دُونَ الثُّلُثِ.

وَقَالَ الزُّهْرِيَّ: يَتَحَمَّلُ الْعَاقِلَةُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَيَتَحَمَّلُ الْجَانِي الثُّلُثَ فَمَا دُونَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَتَحَمَّلُ الْعَاقِلَةُ نِصْفَ عَشْرِ الدِّيَةِ فَمَا زَادَ، وَيَتَحَمَّلُ الْجَانِي مَا دُونَ ذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ قَتَادَةُ بِأَنَّ حُرْمَةَ النَّفْسِ أَغْلَظُ لِاخْتِصَاصِهَا بِالْكَفَّارَةِ وَالْقَسَامَةِ فَاخْتُصَّتْ بِتَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ.

وَاسْتَدَلَّ مالك وأحمد بأن العاقل مواسي يَتَحَمَّلُ مَا أَجْحَفَ تَحْصِينًا لِلدِّمَاءِ، وَمَا دُونَ الثُّلُثِ غَيْرَ مُجْحِفٍ فَلَمْ يَتَحَمَّلْهُ.

وَاسْتَدَلَّ الزُّهْرِيُّ بقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الثُّلُثُ كَثِيرٌ " فَصَارَ مُضَافًا إِلَى مَا زَادَ عَلَيْهِ فِي تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ لَهُ.

وَاسْتَدَلَّ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى تَحَمُّلِ نِصْفِ الْعُشْرِ بِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ تَحَمُّلَ الْعَاقِلَةِ لِمَا عَدَلَ فِيهِ عَنِ الْقِيَاسِ إِلَى الشَّرْعِ وَجَبَ أَنْ يَخْتَصَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015