جِنَايَتِهِ الَّتِي تَنْدَرِجُ حَالًا بَعْدَ حَالٍ، وَسَوَاءٌ فِي دِيَةِ الْمُنَقِّلَةِ أَنْ يَتَشَظَّى عَظْمُهَا فَلَا يُعَادُ أَوْ يَتَشَظَّى فَيُعَادُ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ أَنَّ فِي جَمِيعِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الْإِبِلِ، كما يجب في ذلك في صغير الْمُوضِحَةِ وَكِبَرِهَا، وَإِذَا انْتَقَلَتِ الشَّجَّةُ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ رَأْسِهِ وَقَدِ اتَّصَلَ إِيضَاحُهَا كَانَتْ مُنَقِّلَتَيْنِ كَمَا قُلْنَا فِي الْهَاشِمَتَيْنِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الفرق، والله أعلم.
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَاللَّحْيِ الْأَسْفَلِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَعْنِي تَقْدِيرَ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ بِخَمْسٍ وَالْهَاشِمَةِ بِعَشْرٍ، وَالْمُنَقِّلَةِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَاللَّحْيِ الْأَسْفَلِ، فَأَمَّا فِي الْجَسَدِ وَمَا قَارَبَ الرَّأْسَ مِنَ الْعُنُقِ فَلَا يَتَقَدَّرُ فِيهِ دِيَةُ الْمُوضِحَةِ وَلَا دِيَةُ الْهَاشِمَةِ، وَلَا دِيَةُ الْمُنَقِّلَةِ وَيَجِبُ فِيهَا حُكُومَةٌ لَا يَبْلُغَ بِأَرْشِ مُوضِحِهَا خَمْسًا وَلَا بِأَرْشِ هَاشِمَتِهَا عَشْرًا، وَلَا بِأَرْشِ مُنَقِّلَتِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا عَلَى الرَّأْسِ أخوف.
والثاني: أن شينها فيه أقبح، ويتغلظ هذه الشجاج في الرأس بالعمد، ويتخفف بِالْخَطَأِ، وَلَا تَتَغَلَّظُ فِي الْجَسَدِ بِعَمْدٍ وَلَا خَطَأٍ، لِأَنَّ التَّغْلِيظَ يَخْتَصُّ بِالْمُقَدَّرِ مِنَ الدِّيَاتِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهَا مَا لَا يَتَقَدَّرُ مِنْ أُرُوشِ الْجِنَايَاتِ، فَيَتَغَلَّظُ خُمْسُ الْمُوضِحَةِ بِالْأَثْلَاثِ، فَيَكُونُ فِيهَا خِلْفَتَانِ، وَجَذَعَةٌ وَنِصْفٌ، وَحِقَّةٌ وَنِصْفٌ، فَتُخَفَّفُ فِيهَا بِالْأَخْمَاسِ فَيَكُونُ فِيهَا جَذَعَةٌ وَحِقَّةٌ، وَبِنْتُ لَبُونٍ، وَابْنُ لَبُونٍ، وَبِنْتُ مَخَاضٍ، وَتَتَغَلَّظُ غَيْرُ الْهَاشِمَةِ بِالْأَثْلَاثِ فَيَكُونُ فِيهَا أَرْبَعُ خُلُفَاتٍ، وَثَلَاثُ جِذَاعٍ وَثَلَاثُ حِقَاقٍ، وَيُتَخَفَّفُ بِالْأَخْمَاسِ فَيَكُونُ فِيهَا جَذَعَتَانِ، وَحِقَّتَانِ، وَبِنْتَا لَبُونٍ، وَابْنَا لَبُونٍ، وَبِنْتَا مَخَاضٍ، وَيَتَغَلَّظُ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ فِي الْمُنَقِّلَةِ بِالْأَثْلَاثِ فَيَكُونُ فِيهَا سِتُّ خَلِفَاتٍ، وَأَرْبَعُ حِقَاقٍ وَنِصْفٌ، وَأَرْبَعُ جِذَاعٍ وَنِصْفٌ، وَيُتَخَفَّفُ فِيهَا بِالْأَخْمَاسِ فَيَكُونُ فِيهَا ثَلَاثَةُ جِذَاعٍ، وَثَلَاثُ حِقَاقٍ، وَثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَثَلَاثَةُ بَنِي لَبُونٍ، وَثَلَاثُ بَنَاتِ مَخَاضٍ، وَعَلَى غَيْرِ هَذَا فِيمَا زَادَ وَنَقَصَ فِيمَا يُقَدَّرُ مِنْ دِيَاتِ الْأَعْضَاءِ وَالْأَطْرَافِ.
(مَسْأَلَةٌ)
قال الشافعي رضي الله عنه: " وفي المأمومة ثلث النفس وَهِيَ الَّتِي تَخْرِقُ إِلَى جِلْدِ الدِّمَاغِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْمَأْمُومَةُ فَهِيَ الْوَاصِلَةُ إِلَى أُمِّ الرَّأْسِ، وَأُمُّ الرَّأْسِ هِيَ الْغِشَاوَةُ الْمُحِيطَةُ بِمُخِّ الدِّمَاغِ وَتُسَمَّى الْأُمَّةَ.
وَأَمَّا الدَّامِغَةُ فَهِيَ الَّتِي خَرَقَتْ غِشَاوَةَ الدِّمَاغِ حَتَّى وَصَلَتْ إِلَى مُخِّهِ، وَفِيهَا جَمِيعًا ثُلُثُ الدِّيَةِ لَا تُفَضَّلُ دِيَةُ الدَّامِغَةِ عَلَى دِيَةِ الْمَأْمُومَةِ، وَإِنْ كُنْتُ أَرَى أَنْ يَجِبَ تَفْضِيلُهَا