الحاوي الكبير (صفحة 5590)

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: مَنْ لَهُ عَلَيَّ مَظْلَمَةٌ أَوْ لَهُ قِبَلِي حَقٌّ فَلْيَقُمْ لِيَأْخُذَ حَقَّهُ فَقَامَ لَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عُكَّاشَةُ، فَقَالَ: لِي عَلَيْكَ مَظْلَمَةٌ ضَرْبَتَين بِالسَّوْطِ عَلَى بَطْنِي يَوْمَ كَذَا، فَكَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَطْنِهِ وَقَالَ: قُمْ فَاقْتَصَّ، فَبَكَى الرَّجُلُ، وَقَالَ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

وروي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِأَنَّ الشَّرِيفَ كَانَ إِذَا أَتَى الْحَدَّ لَمْ يُحَدَّ وَحُدَّ الدَّنِيءُ ".

وَأَمَّا تَكَافُؤُ الْأَحْكَامِ فَكَالْأَحْرَارِ مَعَ الْعَبِيدِ، وَالْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُعَاهِدِينَ، فَهُوَ عِنْدَنَا مُعْتَبَرٌ، وَإِنْ خُولِفْنَا فِيهِ وَسَنَذْكُرُهُ فِيمَا يَلِيهِ.

وَأَصْلُ التَّكَافُؤِ فِي الْحُرِّيَّةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بيانه.

(مسألة)

قال الشافعي: " وَلَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ ".

وَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالْمُسْتَأْمَنِ وَهُوَ فِي التَّحْرِيمِ مثل المعاهد.

(قال المزني) رحمه الله: فإذا لم يقتل بأحد الكافرين المحرمين لم يقتل بالآخر.

(قال الشافعي) رحمه الله: قال قائل: عنى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا يقتل مؤمن بكافر حربي فهل من بيان في مثل هذا يثبت؟ .

قلت نعم قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لا يرث المؤمن الكافر ولا الكافر المؤمن " فهل تزعم أنه أراد أهل الحرب لأن دماءهم وأموالهم حلال؟ قال لا ولكنها على جميع الكافرين لأن اسم الكفر يلزمهم.

قلنا وكذلك لا يقتل مؤمن بكافر لأن اسم الكفر يلزمهم فما الفرق؟ .

قال قائل: روينا حديث ابن البيلماني قلنا منقطع وخطأ إنما روي فيما بلغنا أن عمرو بن أمية قتل كافراً كان له عهد إلى مدة، وكان المقتول رسولاً فقتله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - به فلو كان ثابتاً كنت قد خالفته، وكان منسوخاً لأنه قتل قبل الفتح بزمان، وخطبة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لا يقتل مؤمن بكافر " عام الفتح، وهو خطأ لأن عمرو بن أمية عَاشَ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دهراً وَأَنْتَ تَأْخُذُ الْعِلْمَ مِمَّنْ بَعُدَ لَيْسَ لَكَ به معرفة أصحابنا ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015