وروى أبي مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ فِيهَا صلبه في الركوع والسجود "
قال الشَّافِعِيُّ: " وَلَا يَخْفِضُ عُنُقَهُ فَيَتَنَازَعُ، وَلَا يَرْفَعُهُ فَيَحْدَوْدِبُ، وَيُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ لِرِوَايَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذَا رَكَعَ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ
فَهَذَا صِفَةُ الرُّكُوعِ فِي الِاخْتِيَارِ الْمَسْنُونِ وَأَقَلُّ مَا عَلَيْهِ أَنْ يَنْتَهِيَ رَاكِعًا إِلَى حَيْثُ يُمْكِنُهُ الْقَبْضُ بِرَاحَتَيْهِ على ركبتيه على أن صفة كان
: فَأَمَّا الطُّمَأْنِينَةُ فَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى ركوعه الذي وصفنا زماناً وإن قل مطمئن، وَهُوَ رُكْنٌ وَاجِبٌ لَا تُجْزِئُ الصَّلَاةُ إِلَّا بِهِ
وَقَالَ أبو حنيفة: الطُّمَأْنِينَةُ لَيْسَتْ وَاجِبَةً اسْتِدْلَالًا بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] فَكَانَ الظَّاهِرُ يُوجِبُ اسْمَ مَا انْطَلَقَ عَلَيْهِ اسْمُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ طُمَأْنِينَةٍ تُضَمُّ إِلَيْهِ
وَدَلِيلُنَا مَعَ مَا قَدَّمْنَا مِنَ الْحَدِيثَيْنِ رِوَايَةُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِلرَّجُلِ لَمَّا عَلَّمَهُ الصَّلَاةَ حِينَ أَسَاءَ فِيهَا: إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثَمَّ اجْلِسْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَوَاتِكَ كُلِّهَا
وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " شَرُّ النَّاسِ سَرِقَةً الَذِي يَسْرِقُ فِي صَلَاتِهِ قَالُوا: وَكَيْفَ يَسْرِقُ فِي صَلَاتِهِ؟ قَالَ: لَا يُقِيمُ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا " وَرُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا لَا يَعْدِلُ ظَهْرَهُ فِي الرُّكُوعِ، وَلَا يَطْمَئِنُّ فِيهِ فَقَالَ: مُذْ كَمْ هَذِهِ صَلَاتُكَ قَالَ مُذْ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ: إِنَّكَ مَا صَلَّيْتَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَوْ مُتَّ عَلَى هَذَا لَمُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ
(فَصْلٌ)
: فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا مِنْ حَالِ الرُّكُوعِ وَوُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ فِيهِ فَأَرَادَ الرُّكُوعَ فَسَقَطَ مِنْ قَامَتِهِ إِلَى الْأَرْضِ عَادَ فَانْتَصَبَ قَائِمًا، ثُمَّ رَكَعَ فَلَوْ قَامَ رَاكِعًا لَمْ يُجْزِهِ، لِأَنَّ الْإِهْوَاءَ لِلرُّكُوعِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا، فَلَوْ كَانَ قَدِ انْحَنَى إِلَى الرُّكُوعِ فَسَقَطَ إِلَى الْأَرْضِ قَبْلَ اسْتِعَانَتِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعِود إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي سَقَطَ مِنْهُ فِي حال انحدار، ويبنى على ركوعه
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيَقُولُ إِذَا رَكَعَ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلَاثًا وَذَلِكَ أَدْنَى الْكَمَالِ "