أَحَقَّ مِنْ أَبِيهَا، وَبِنْتُ الْخَالِ أَحَقَّ بِهَا مِنَ الْخَالِ.
فَإِذَا انْفَرَدَ الذُّكُورُ مِنْهُمْ عَنِ الْإِنَاثِ، وَتَنَازَعَ الْحَضَانَةَ مِنْهُمُ اثْنَانِ نُظِرَ فِيهَا فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا وِلَادَةٌ كَأَبِي الْأُمِّ وَالْخَالِ كَانَتِ الْحَضَانَةُ لِمَنِ اخْتُصَّ مِنْهُمَا بِالْوِلَادَةِ فَتَكُونُ لِأَبِي الْأُمِّ دُونَ الْخَالِ لِبَعْضِيَّتِهِ، وَأُجْرَى حُكْمُ الْأُبُوَّةِ عَلَيْهِ فِي سُقُوطِ الْقَوَدِ عَنْهُ وَعِتْقِهِ عَلَيْهِ إِذَا مَلَكَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا وِلَادَةٌ كَالْخَالِ وَالْعَمِّ مِنَ الْأُمِّ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، فَيَتَقَرَّعُ بَيْنَهُمَا فِيهَا وَلَا اعْتِبَارَ بِمَنْ أَدْلَيَا بِهِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي سُقُوطِ الْحَضَانَةِ مَعَ وُجُودِ مُسْتَحِقِّهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَشْبَهُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا مِنْهُمَا مَنْ قَوِيَ بِسَبَبِ إِدْلَائِهِ، فَيَكُونُ الْخَالُ لِإِدْلَائِهِ بِالْأُمِّ أَحَقَّ بِهَا مِنَ الْعَمِّ لِلْأُمِّ لِإِدْلَائِهِ بِالْأَبِ الَّذِي تَقَدَّمَ عَلَيْهِ الْأُمُّ، وَلَوْ كَانَ ابْنَ أَخٍ لِأُمِّ وَعَمٍّ لِأُمٍّ، كَانَ الْعَمُّ لِلْأُمِّ أَحَقَّ بِهَا مِنَ ابْنِ الْأَخِ لِلْأُمِّ لِإِدْلَائِهِ لِأُمِّ الْأَبِ الَّتِي هِيَ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ مِنَ الْأَخِ لِلْأُمِّ، وَهَكَذَا لَوِ انْفَرَدَ النِّسَاءُ مِنْهُمْ عَنِ الذُّكُورِ، وَتَنَازَعَهَا مِنْهُنَّ اثْنَتَانِ وَكَانَتْ فِي إِحْدَاهُمَا وِلَادَةٌ لَيْسَتْ فِي الْأُخْرَى كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ مَعَ بِنْتِ الْخَالِ كَانَتْ أُمُّ أَبِي الْأُمِّ أَحَقَّ بِهَا لِأَجْلِ الْوِلَادَةِ مِنْ بِنْتِ الْخَالِ.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا وِلَادَةٌ كَبِنْتِ الْخَالِ وَبِنْتِ الْعَمِّ لِلْأُمِّ كَانَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ:
وَلَكِنْ لَوْ تَنَازَعَ فِيهَا مِنْهُنَّ أُنْثَى وَذَكَرٌ، وَلَيْسَ يُدْلِي وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ كَانَتِ الْأُنْثَى أَحَقَّ بِهَا مِنَ الذَّكَرِ وَجْهًا وَاحِدًا لِاخْتِصَاصِهَا بِآلَةِ التَّرْبِيَةِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الذَّكَرِ وِلَادَةٌ سَوَاءٌ قَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ.
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا حَقَّ لِأَحَدٍ مَعَ الْأَبِ غَيْرَ الْأُمِّ وأمهاتها فأما أخواته وغيرهين فَإِنَّمَا حُقُوقُهُنَّ بِالْأَبِ فَلَا يَكُونُ لَهُنَّ حَقٌّ مَعَهُ وَهُنَّ يُدْلِينَ بِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اجْتِمَاعُ الرِّجَالِ مَعَ النِّسَاءِ فِي الْحَضَانَةِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ انْفِرَادَ النِّسَاءِ بِهَا، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ الرِّجَالَ بِهَا عَلَى النِّسَاءِ كَمَا قَدَّمَ انْفِرَادَ النِّسَاءِ بِهَا عَلَى الرِّجَالِ لِيَكُونَ حُكْمُ اجْتِمَاعِهِمَا مَبْنِيًّا عَلَى مَا اسْتَقَرَّ مِنْ حُكْمِ انْفِرَادِهِمَا.
فَإِذَا اجْتَمَعَ الرِّجَالُ مِنْ أَقَارِبِ الْمَوْلُودِ يَتَنَازَعُونَ حَضَانَتَهُ، مُنْفَرِدِينَ عَنِ النِّسَاءِ فَلَا حَقَّ فِيهَا لِمَنْ كَانَ مِنْهُمْ غَيْرَ وَارِثٍ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ ضَعْفِ قِسْمِهِمْ لِسُقُوطِ مِيرَاثِهِمْ وَتَمَيُّزِهِمْ عَمَّنْ لَا يَرِثُ من النساء بعد الْأُنُوثِيَّةِ الَّتِي هِيَ السَّبَبُ الْأَقْوَى فِي اسْتِحْقَاقِ