وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا تَنْتَقِلُ بَعْدَ الْخَالَاتِ وَالْعَمَّاتِ إِلَى خَالَاتِ الْأَبَوَيْنِ عَمَلًا عَلَى تَدْرِيجِ الْأُبُوَّةِ.
فَإِذَا قِيلَ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ إِنَّهَا تَنْتَقِلُ بَعْدَهُنَّ إِلَى بَنَاتِ الْأُخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ تُقَدَّمُ فِيهَا بَنَاتُ الْأَخَوَاتِ عَلَى بَنَاتِ الْإِخْوَةِ لِتَقَدُّمِ الْأَخَوَاتِ فِيهَا عَلَى الْإِخْوَةِ، فَتُقَدَّمُ فِيهَا بَنَاتُ الْأُخْتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ ثُمَّ بَنَتُ الْأُخْتِ لِلْأَبِ ثُمَّ بَنَتُ الأخت للأم على قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ تُقَدَّمُ بِنْتُ الْأُخْتِ لِلْأُمِّ عَلَى بِنْتِ الْأُخْتِ لِلْأَبِ ثُمَّ تَنْتَقِلُ بَعْدَهُنَّ إلى بنات الإخوة فيقدم بِنْتُ الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ ثُمَّ بِنْتُ الْأَخِ للأب، ثم بنت الأخ للأم.
وعلى قول ابن سريج على ما ذكرنا ثُمَّ تَنْتَقِلُ الْحَضَانَةُ بَعْدَهُنَّ إِلَى بَنَاتِ بَنِي الْإِخْوَةِ دُونَ بَنَاتِ بَنِي الْأَخَوَاتِ؛ لِأَنَّ بَنِي الْأُخْوَةِ عَصَبَةٌ يَرْثُونَ، وَبَنُو الْأَخَوَاتِ لَا يَرْثُونَ فتقدم الحصانة بِنْتَ ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ، ثُمَّ لِبِنْتِ الأخ للأب، لأحضانة لِبِنْتِ ابْنِ الْأَخِ لِلْأُمِّ، لِأَنَّهَا تُدْلِي بِذَكَرٍ لَا يَرْثِ، ثُمَّ تَنْتَقِلُ بَعْدَهُنَّ إِلَى بَنَاتِ الْأَعْمَامِ فَتُقَدَّمُ بِنْتُ الْعَمِّ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ ثُمَّ بِنْتُ الْعَمِّ لِلْأَبِ، وَلَا حَضَانَةَ لِبِنْتِ الْعَمِّ لِلْأُمِّ لِإِدْلَائِهَا بِذَكَرٍ لَا يَرِثُ، ثُمَّ تَنْتَقِلُ بَعْدَ بَنَاتِ الْعَصِبَاتِ إِلَى بَنَاتِ الْخَالَاتِ ثُمَّ بَنَاتِ الْعَمَّاتِ.
وَإِذَا قِيلَ بِالْوَجْهِ الثَّانِي: فِي انْتِقَالِهَا بَعْدَ الْخَالَاتِ وَالْعَمَّاتِ إِلَى خَالَاتِ الْأَبَوَيْنِ انْتَقَلَتِ الْحَضَانَةُ إِلَى خَالَاتِ الْأُمِّ يَتَرَتَّبْنَ فِيهَا تَرْتِيبَ الْخَالَاتِ الْمُفْتَرِقَاتِ، وَلَا حَضَانَةَ لِعَمَّاتِ الْأُمِّ لِإِدْلَائِهِنَّ بِأَبِي الْأُمِّ، وَهُوَ ذَكَرٌ لَا يَرِثُ، ثُمَّ تَنْتَقِلُ بَعْدَ خَالَاتِ الْأُمِّ إِلَى خَالَاتِ الْأَبِ ثُمَّ إِلَى عَمَّاتِهِ ثُمَّ تَنْتَقِلُ بَعْدَ خَالَاتِ الْأَبِ وَعَمَّاتِهِ إِلَى خَالَاتِ أُمِّ الْأُمِّ دُونَ عَمَّاتِهَا، ثُمَّ تَنْتَقِلُ بَعْدَهُنَّ إِلَى خَالَاتِ الْجَدِّ ثُمَّ إِلَى عَمَّاتِهِ، ثُمَّ تَسْتَعْلِي كَذَلِكَ إِلَى دَرَجَةٍ بَعْدَ دَرَجَةٍ، وَلَا تَسْتَوْعِبُ عَمُودَ الْأُمَّهَاتِ كَمَا اسْتَوْعَبَتْ أُمَّهَاتِ الْأُمَّهَاتِ؛ لِأَنَّ الْبُعْدَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْأُمِّ وَارِثَةٌ كَالْقُرْبَى، فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي حَضَانَتِهِنَّ قُرْبُ الدَّرَجِ، وَالْخَالَاتُ وَالْعَمَّاتُ بِخِلَافِهِنَّ لِأَنَّهُنَّ لَا يَرِثْنَ، فَاعْتُبِرَ فِيهِنَّ قُرْبُ الدَّرَجِ، فَإِذَا عُدِمَ خَالَاتُ الْأُمَّهَاتِ وَخَالَاتُ الْآبَاءِ وَعَمَّاتُهُ انْتَقَلَتِ الْحَضَانَةُ بَعْدَهُنَّ إِلَى بَنَاتِ الْأَخَوَاتِ ثُمَّ إِلَى بَنَاتِ بَنَاتِ الْأُخْوَةِ ثُمَّ إِلَى بَنَاتِ الْعَصَبَةِ ثُمَّ إِلَى بَنَاتِ الْخَالَاتِ، ثُمَّ إِلَى بَنَاتِ الْعَمَّاتِ عَلَى مَا بَيَّنَاهُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ.
وَإِذَا اسْتَوْضَحْتَ مَا قَرَّرْتُهُ مِنْ هَذِهِ الْأُصُولِ صَحَّ لَكَ التَّفْرِيعُ عَلَيْهَا عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْقُرَابَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِهَاتِ، وَسَنَذْكُرُ تَفَرُّدَ الرَّجُلِ بِهَا، وَاشْتِرَاكَهُمْ مَعَ النِّسَاءِ فِيهَا مِنْ بَعْدُ وبالله التوفيق.