قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا افْتَرَقَ الْأَبَوَانِ وَهُمَا فِي قَرْيَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْأُمُّ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ وَعَلَى أَبِيهِ نَفَقَتُهُ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ تَأْدِيبِهِ وَيَخْرُجُ الْغُلَامُ إِلَى الْكُتَّابِ أَوِ الصِّنَاعَةِ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِهَا وَيَأْوِي إِلَى أُمِّهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ فَرَّقْنَا بَيْنَ زَمَانِ الْحَضَانَةِ وَزَمَانِ الْكَفَالَةِ، وَأَنَّ الْحَضَانَةَ فِيمَا دُونَ السَّبْعِ، وَتَكُونُ الْأُمُّ أَحَقَّ فِيهَا بِالْوَلَدِ، وَالْكَفَالَةُ مُسْتَحَقَّةٌ عَلَى الْأَبِ سَوَاءٌ اخْتَارَهُ الْوَلَدُ أَوِ اخْتَارَ أُمَّهُ، وَكَذَلِكَ مَا احْتَاجَ إِلَيْهِ الْوَلَدُ مِنْ تَعْلِيمٍ وَتَأْدِيبٍ، لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ الْوَلَدِ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهَا وَزَمَانُ التَّعْلِيمِ فِي إِسْلَامِهِ إِلَى الكتاب أو الصناعة الْوَلَدِ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهَا وَزَمَانُ التَّعْلِيمِ فِي إِسْلَامِهِ إِلَى الْكُتَّابِ أَوِ الصِّنَاعَةِ بِحَسْبِ عَادَتِهِ وَعُرْفِ أَهْلِهِ مُخْتَصٌّ بِالْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ وَزَمَانُهُ مُعْتَبَرٌ بِحَالِ الْوَلَدِ فَإِنْ كَانَ فَطِنًا ذَكِيًّا قُدِّمَ فِي زَمَانِ الْحَضَّانَةِ إِذَا بَلَغَ خَمْسًا أَوْ سِتًّا، وَإِنْ كَانَ بَلِيدًا ضَعِيفَ التَّخْيِيرِ أُخِّرَ إِلَى زَمَانِ الْكَفَالَةِ إِذَا بَلَغَ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا، فَإِذَا احْتَاجَ الْوَلَدُ إِلَى خِدْمَةٍ فِي الْحَضَانَةِ وَالْكَفَالَةِ وَمِثْلُهُ مَنْ يُخْدَمُ قَامَ الْأَبُ بِمَؤُونَةِ خِدْمَتِهِ إِمَّا بِاسْتِئْجَارِ خَادِمٍ أَوِ ابْتِيَاعِهِ عَلَى حَسَبِ عَادَةِ أَهْلِهِ وَعُرْفِ أَمْثَالِهِ، وَلَا يَلْزَمُ الْأُمَّ مَعَ اسْتِحْقَاقِهَا لِحَضَانَتِهِ أَنْ تَقُومَ بِخِدْمَتِهِ إِذَا كَانَ مِثْلُهَا لَا يَخْدِمُ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ هِيَ الْحِفْظُ وَالْمُرَاعَاةُ وَتَدْبِيرُ الْوَلَدِ وَالنَّظَرُ فِي مَصَالِحِهِ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ مُبَاشَرَةَ الْخِدْمَةِ، وَالْخِدْمَةُ إِذَا وَجَبَتْ فَهِيَ مُسْتَحَقَّةٌ لِلْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ، وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيمُ وَالتَّأْدِيبُ مُخْتَصَّا بِالْغُلَامِ دُونَ الْجَارِيَةِ، وَتَخْتَصُّ الْجَارِيَةُ بِأَنْ تؤخذ بالخفر والصيانة.
(مسألة)
قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِنِ اخْتَارَ أَبَاهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ أُمَّهُ وَتَأْتِيهِ فِي الْأَيَّامِ وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً لَمْ تُمْنَعُ أُمُّهَا مِنْ أَنْ تَأْتِيَهَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَخْلُو حَالُ الْوَلَدِ الْمَكْفُولِ مِنْ أَنْ يَكُونَ غُلَامًا أَوْ جَارِيَةً، فَإِنْ كَانَ غُلَامًا فَلَهُ حَالَتَانْ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَخْتَارَ أُمَّهُ فَيَأْوِيَ فِي اللَّيْلِ إِلَيْهَا وَيَكُونَ فِي النَّهَارِ مَعَ أَبِيهِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّنَاعَةِ أَوْ فِي الكتاب إنه كَانَ مَنْ أَهْلِ التَّعْلِيمِ وَلَيْسَ لِلْأُمِّ أَنْ تَقْطَعَهُ فِي النَّهَارِ إِلَيْهَا؛ لِمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنَ الضَّرَرِ فِي تَعْطِيلِهِ عَنْ تَعْلِيمٍ أَوْ صِنَاعَةٍ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَخْتَارَ أَبَاهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا؛ لِيَأْوِيَ فِي اللَّيْلِ إِلَيْهِ وَيَكُونَ فِي النَّهَارِ مُتَصَرِّفًا بِتَدْبِيرِ أَبِيهِ، إِمَّا فِي كُتَّابٍ يَتَعَلَّمُ فِيهِ، وَإِمَّا فِي صِنَاعَةٍ يَتَعَاطَاهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يُنْفِذَهُ إِلَى زِيَارَةِ أُمِّهِ فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ كَانَ مَنْزِلُهَا قَرِيبًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ لِيَأْلَفَ بِرَّهَا، وَلَا يَمْنَعَهُ مِنْهَا فَيَأْلَفَ الْعُقُوقَ وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً: فَلَهَا حَالَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ تَخْتَارَ أُمَّهَا فَتَكُونَ أحق به لَيْلًا وَنَهَارًا بِخِلَافِ الْغُلَامِ، لِأَنَّ الْجَارِيَةَ