- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِلْمُنَازِعَةِ فِي حَضَانَةِ وَلَدِهَا: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تُنْكَحِي، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَمْنَعُ مِنْ مقصود الكفالة لاشتغالها بحقوق الزوج، ولأن الزوج مَنْعَهَا مِنَ التَّشَاغُلِ بِغَيْرِهِ، وَلِأَنَّ عَلَى الْوَلَدِ وعصبته عار فِي الْمُقَامِ مَعَ زَوْجِ أُمِّهِ فَأَمَّا أُمُّ سَلَمَةَ فَأَقَرَّهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى كَفَالَةِ بِنْتِهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ عُصْبَتِهَا نِزَاعٌ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَفْضَلُ الْخَلْقِ وَالْمَضْمُومُ إِلَيْهِ
أَفْضَلُهُمْ نَشْأً فَخَالَفَ مَنْ عَلَاهُ وَإِقْرَارُهُ بِنْتَ حَمْزَةَ مَعَ خَالَتِهَا وَزَوْجِهَا جَعْفَرٍ، فَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ قَضَى بِهَا لِجَعْفَرٍ تَرْجِيحًا لِخَالَتِهَا، وَقِيلَ قَضَى بِهَا لِلْخَالَةِ تَرْجِيحًا لِجَعْفَرٍ، لِأَنَّهُ ابْنُ عَمِّهَا، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ زَوْجُ الْأُمِّ عَصَبَةً لِلْوَلَدِ، فَإِنْ مَنَعَهَا مِنَ الْكَفَالَةِ سَقَطَ حَقُّهَا، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي الْكَفَالَةِ وَمَكَّنَهَا مِنَ الْقِيَامِ بِهَا فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: تَسْتَحِقُّ الْكَفَالَةَ لِزَوَالِ السَّبَبِ الْمَانِعِ بِالتَّمْكِينِ وَانْتِفَاءِ الْعَارِ بِامْتِزَاجِ النَّسَبِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا كَفَالَةَ لَهَا لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَلِمَا يَجْذِبُهَا الطَّبْعُ إِلَيْهِ مِنَ التَّوَفُّرِ عَلَى الزَّوْجِ، وَمُرَاعَاةِ أَوْلَادِهَا مِنْهُ إِنْ كَانُوا.
وَالشَّرْطُ السَّابِعُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ: أَنْ يُوجَدَ مِنْ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَبَوَيْنِ شُرُوطُ الْكَفَالَةِ، وَيُفَضَّلُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِزِيَادَةٍ فِي الدِّينِ أَوْ زِيَادَةٍ فِي الْمَالِ أَوْ زِيَادَةٍ فِي الْمَحَبَّةِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا شَرْطٌ مُعْتَبَرٌ يُسْقِطُهُ التخيير وتكون الكفالة وفضلهما لِظُهُورِ الْحَظِّ فِيهِ لِلْوَلَدِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُمَا فِي الْكَفَالَةِ سَوَاءٌ، وَلَا يَتَرَجَّحُ أَحَدُهُمَا بِزِيَادَةِ فَضِيلَةٍ إِذَا خَلَا مِنْ نَقْصٍ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْكَفَالَةِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْكَافِلِ وَالْمَكْفُولِ، فَلَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْكَافِلِ بِالزِّيَادَةِ فِي حَقِّ الْمَكْفُولِ.
(فَصْلٌ)
فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ شُرُوطِ الْكَفَالَةِ فِي الْأَبَوَيْنِ، لَمْ يَخْلُ حَالُهُمَا فِيهِ من ثلاثة أقسام:
أحدهما: أَنْ يَتَنَازَعَا فِيهَا.
وَالثَّانِي: أَنْ يَتَدَافَعَا عَنْهَا.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يُسَلِّمَهَا أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنْ يَتَنَازَعَا فِيهَا وَيَطْلُبَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيُخَيَّرُ الْوَلَدُ بَيْنَهُمَا، وَيَتَوَلَّى الْحَاكِمُ تَخْيِيرَهُ، لِأَنَّ التَّنَازُعَ إِلَيْهِ وَنُفُوذَ الْحُكْمِ مِنْهُ.
وَلِلْوَلَدِ فِي التَّخْيِيرِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: