لِأَنَّهُ يَؤُولُ إِلَى أَنْ يَصِيرَ خَمْرًا وَهَذَا مَشْهُورٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَأَشْعَارِهِمْ.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فِي نَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ، فَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَعِي دِينَارٌ قَالَ أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِكَ. قَالَ مَعِي آخَرُ قَالَ أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِكَ. قَالَ مَعِي آخَرُ قَالَ أَنْفِقْهُ عَلَى أَهْلِكَ. قَالَ مَعِي آخَرُ قَالَ أَنْفِقْهُ عَلَى خَادِمِكَ. قَالَ مَعِي آخَرُ قَالَ أَنْتَ أَعْلَمُ.
وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ عَنْ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمُقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ دِينَارِ الْخَادِمِ مَعِي آخِرُ لَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ قَالَ أَنْفِقْهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ أَدْنَاهَا أَجْرًا.
قَالَ سَعِيدٌ الْمُقْبُرِيُّ: فكان أبو هريرة إذا حدث بهذا الحديث قَالَ يَقُولُ وَلَدُكَ أَنْفِقْ عَلَيَّ إِلَى مَنْ تَكِلُنِي، وَتَقُولُ زَوْجَتُكَ أَنْفِقْ عَلَيَّ أَوْ طَلِّقْنِي، وَيَقُولُ خَادِمُكَ أَنْفِقْ عَلَيَّ أَوْ بِعْنِي، وَهَذَا أَعَمُّ حَدِيثٍ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ، لِأَنَّهُ جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ وُجُوبِهَا بِنَسَبٍ وَسَبَبٍ.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ، وَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُجْمَلٌ لَا يُخْرِجُ الزَّوْجَةَ مِنْ بَيَانِ إِجْمَالِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ عَامٌّ يُدْخِلُ الزَّوْجَةَ فِي جُمْلَةِ عُمُومِهِ.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ جَاءَتْ هِنْدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَإِنَّهُ لَا يُعْطِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا آخُذُ مِنْهُ سِرًّا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَهَلْ عَلَيَّ فِيهِ شَيْءٌ، فَقَالَ خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ فَدَلَّ هَذَا الْخَبَرُ عَلَى وجوب نفقة الزوجة الولد، وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ سِوَى ذَلِكَ دَلَائِلُ عَلَى أَحْكَامٍ مِنْهَا جَوَازُ بُرُوزِ الْمَرْأَةِ فِيمَا عَرَضَ مِنْ حَاجَةٍ، وَدَلَّ عَلَى جَوَازِ سُؤَالِهَا فِيمَا يَخْتَصُّ بِهَا وَبِغَيْرِهَا مِنَ الْأَحْكَامِ، وَدَلَّ عَلَى جَوَازِ كَلَامِهَا لِلْأَجَانِبِ وَدَلَّ عَلَى جَوَازِ أَنْ يُوصَفَ الْإِنْسَانُ بِمَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ ذَمًّا إِذَا تَعَلَّقَ بِمَا عَسُرَ، لِأَنَّهَا نَسَبَتْ أَبَا سُفْيَانَ إِلَى الشُّحِّ وَهُوَ ذَمٌّ وَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ بِغَيْرِ إِذْنَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهَا فِي أَخْذِ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا. وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ