قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَاللَّبَنُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ كَمَا الْوَلَدُ لَهُمَا وَالْمُرْضَعُ بِذَلِكَ اللَّبَنِ وَلَدُهُمَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا قَدْ مَضَى فِي أَوَّلِ الْبَابِ، وَذَكَرْنَا أَنَّ لَبَنَ الرضاع للرجل والمرأة، والمرضع به ابناً لَهُمَا، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ فَجَعَلُوا اللَّبَنَ لِلْمَرْأَةِ دُونَ الرَّجُلِ وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَوْفَاةً فِيمَا تَقَدَّمَ إِلَى آخِرِهَا.
(مسألة)
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ وَلَدَتِ ابْنًا مِنْ زِنًا فَأَرْضَعَتْ مَوْلُودًا فَهُوَ ابْنُهَا وَلَا يَكُونُ ابْنَ الَّذِي زَنَى بِهَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، وَلَدُ الرَّضَاعِ تَبَعٌ لِوَلَدِ الْوِلَادَةِ فَإِذَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، كَانَ وَلَدُهَا الذي ولدته لاحقاً بِزَوْجِهَا الَّذِي وَلَدَتْ مِنْهُ وَبِالْوَطْءِ لَهَا بِالشُّبْهَةِ فَإِنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِهِ وَلَدًا كَانَ وَلَدُ الرَّضَاعِ وَلَدًا لِلزَّوْجِ الَّذِي تَزَوَّجَتْ بِهِ، وَلِلْوَاطِئِ الَّذِي وطئها بالشبهة لأنه مخلوق من مائهما كان ولد الرضا لهما لأنه معتد بِلَبَنِهِمَا، فَإِنْ زَنَتْ وَوَلَدَتْ وَلَدًا مِنْ زِنًا وَأَرْضَعَتْ بِلَبَنِهِ وَلَدًا كَانَ وَلَدُ الزِّنَا وَوَلَدُ الرَّضَاعِ لَاحِقَيْنِ بِهَا وَلَمْ يُلْحَقَا بِالزَّانِي، لِأَنَّ ابْنَهَا الْمَوْلُودَ عَنِ الزَّانِي يُوجِبُ انْتِفَاءَ الْمُرْضَعِ عَنْهُ، لِأَنَّ وَلَدَ النَّسَبِ أَقْوَى حُكْمًا مِنْ وَلَدِ الرَّضَاعِ، وَقَدِ انْتَفَى عَنِ الزَّانِي فَكَانَ أَوْلَى أَنْ يَنْتَفِيَ عَنْهُ وَلَدُ الرَّضَاعِ.
(مَسْأَلَةٌ)
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَأَكْرَهُ لَهُ فِي الْوَرَعِ أَنْ يَنْكِحَ بَنَاتِ الَّذِي وَلَدَهُ مِنْ زِنًا فَإِنْ نَكَحَ لَمْ أفسخه لأنه ابنه في حكم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى عليه الصلاة والسلام بابن وليدة زمعة لزمعة وأمر سودة أن تحتجب منه لما رأى من شبهه بعتبة فلم يرها وقد حكم أنه أخوها لأن ترك رؤيتها مباح وإن كان أخاها (قال المزني) رحمه الله وقد كان أنكر على من قال يتزوج ابنته من زنا ويحتج بهذا المعنى وقد زعم أن رؤية ابن زمعة لسودة مباح وإن كرهه فكذلك في القياس لا يفسخ نكاحه وإن كرهه ولم يفسخ نكاح ابنه من زنا بناته من حلال لقطع الأخوة فكذلك في القياس لو تزوج ابنته من زنا لم