أولاهن بسم الله الرحمن الرحيم وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَهِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَأُمُّ الْقُرْآنِ
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ لَمْ تَنْزِلْ عَلَى أحد قبلي إلى عَلَى أَخِي سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، فَقَالَ: مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَ تَسْتَفْتِحُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فَقَالَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هِيَ هِيَ "
وَرَوَى أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ نَحْوَهُ
وَرَوَى فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر. . حَتَّى خَتَمَهَا، قَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْجَنَّةِ
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَعْرِفُ فَضْلَ السُّورَةِ حِينَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ
وَهَذَا دَلَّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ كُلِّ سُورَةٍ، وَكَذَلِكَ رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ تَرَكَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَدْ تَرَكَ مِائَةً وَثَلَاثَ عَشْرَةَ آيَةً " يَعْنِي: أَنَّهَا آيَةٌ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الْإِجْمَاعِ مَا رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا كَثُرَ الْقَتْلُ فِي الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ فِي قِتَالِ مُسَيْلِمَةَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَرَى الْقَتْلَ قَدِ اسْتَمَرَّ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَذْهَبَ الْقُرْآنُ، فَلَوْ جَمَعْتَهُ فقال أبو بكر رضي الله عنه ليزيد بْنِ ثَابِتٍ اجْمَعْهُ فَجَمَعَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَرِفَاقِهِمْ فِي مُصْحَفٍ فَكَانَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَهُ فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَفَعَهُ إِلَى ابْنَتِهِ حَفْصَةَ حَتَّى قَدِمَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ مِنَ الْعِرَاقِ عَلَى عُثْمَانَ، وَذَكَرَ لَهُ اخْتِلَافَ النَّاسِ فِي الْقُرْآنِ فَأَخَذَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمُصْحَفَ مِنْ حَفْصَةَ وَكَتَبَ منه ست نسخ، وأنقذ كُلَّ مُصْحَفٍ إِلَى بَلَدٍ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِ فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ قُرْآنٌ وَكَانَتْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَكْتُوبَةً فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ بِخَطِّ الْمُصْحَفِ دَلَّ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّهَا مِنْ كُلِّ سُورَةٍ
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ أَثْبَتَ فِي الْمُصْحَفِ أَسْمَاءَ السُّوَرِ، وَذَكَرَ الْأَعْشَارَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دَالًّا عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ فَفِيهِ جَوَابَانِ: