إلى العدد، وهو اللعان وجب أن يكون من الأفعال ما يفتقر إلى العدد، وهو الرضاع.
وتحريره: أنه أحد فرعي التحريم فوجب أن يكون منه ما يفتقر إلى العدد كالأقوال، ولان وصول اللبن إلى الجوف إذا عرى عن عدد لم يقع به التحريم كالحقنة والسعطة فإن أكثرهم يوافق عليه.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وهو محكى عن ابن أبي هريرة أن قوله {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم} [النساء: 23] يقتضي إثباتها أما أولاً ثم ترضع فتحرم، وليس في عموم الآية ما يدل على إثباتها أماً، ولو قال واللاتي أرضعنكم هن أمهاتكم صح لهم استعمال العموم.
والثاني: أنه لا فرق بين تقدم الوصف للموصوف وتأخره في استعماله على عمومه ما لم يرد تخصيص، وقد خصه ما رويناه من الأخبار التي قصد بها قدر ما يقع به التحريم وقول ابن عمر قضاء الله أولى من قضاء ابن الزبير فهو كمال قال: ونحن إنما خصصناه برواية ابن الزبير لانقضائه.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْأَخْبَارِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أن قوله " الرضاعة من المجاعة " يدفع أن تكون المصة محرمة، لأنها لا تسد جوعه.
والثاني: أنها اخبار قصد بها تحريم الرضاع، وأخبارنا قصد بها عدد الرضاع فاقتضى أن يكون كل واحد منهما محمولاً على ما قصد به.
وأما قياسهم على النكاح والوطء فالمعنى فيه أنه تحريم لم يرد عن جنس الاستباحة وأما قياسهم على الحد في الشرب فالمعنى فيه أن المشروب محرم فلم يعتبر فيه العدد واستوى حكم قليله وكثيره، والرضاع يحدث عنه التحريم فافترق حكم قليله وكثيره.
وأما استدلالهم بالفطر فمعناه مخالف لمعنى الرضاع، لأن الفطر يقع بما وصل إلى الجوف على أي صفة كان، ولذلك لو خرج جائفة أفطر بها، والرضاع يحرم إذا غذى وأنبت اللحم وأنشز العظم فافترق أكلتين ولو أنفد ما في إحدى الثديين ثم يحول إلى الأخرى فأنفذ ما فيها كانت رضعة واحدة، وَهَذَا كَمَا قَالَ: لِأَنَّ تَحْرِيمَ الرَّضَاعِ إِذَا كَانَ مُحَدَّدًا بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ وَجَبَ تَحْدِيدُ الرَّضْعَةِ وَتَقْدِيرُهَا وَالْمَقَادِيرُ تُؤْخَذُ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: مِنْ شَرْعٍ أَوْ لُغَةٍ أَوْ عُرْفٍ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ حَدٌّ فَوَجَبَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ جِهَةِ الْعُرْفِ، وَالْعُرْفُ فِي الرَّضْعَةِ أَنَّهَا مَا اتَّصَلَ شُرْبُهَا ثُمَّ انْفَصَلَ تَرْكُهَا، فإن تخلل