وجهان: لأن المقصود بالعدة حذراً مِنِ اخْتِلَاطِ الْمَائَيْنِ، وَهِيَ بَعْدَ الْعِدَّةِ حَلَالٌ لِلزَّوْجِ فَأَشْبَهَتِ الْمَسْبِيَّةَ.
فَأَمَّا إِذَا اشْتَرَى أَمَةً ذَاتَ زَوْجٍ فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْوَطْءِ وَالتَّلَذُّذِ جَمِيعًا، لِأَنَّ التَّلَذُّذَ بِهَا مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِ فَحَرُمَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَالْوَطْءِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ.
وَالثَّانِي: بَعْدَهُ.
فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَعَلَى الْمُشْتَرِي أن يستبرئها وهي محرمة عليه لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا أَنْ يَطَأَهَا، وَفِي تَحْرِيمِ التَّلَذُّذِ بِمَا دُونَ الْوَطْءِ وَجْهَانِ، وَهَكَذَا لَوْ كَانَ مَالِكًا لَهَا قَبْلَ تَزْوِيجِهَا ثُمَّ طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا عِدَّةُ الزَّوْجِ وَحَرُمَتْ عَلَى الْمَالِكِ إِلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَجَبَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ مِنْهُ، وَهِيَ فِي زَمَانِ عِدَّتِهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يَطَأَهَا أَوْ يَتَلَذَّذَ بِهَا، لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْعِدَّةِ يَجْرِي مَجْرَى تَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ، فَإِذَا انْقَضَتِ الْعِدَّةُ فَفِي وُجُوبِ اسْتِبْرَائِهَا عَلَى السَّيِّدِ وَجْهَانِ مَضَيَا:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا تَحْرِيمَ بَعْدَ الْعِدَّةِ لِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا بِالْعِدَّةِ، فَعَلَى هَذَا يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ وَغَيْرُهُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ بَعْدَ الْعِدَّةِ تَعَبُّدًا فَعَلَى هَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وطئها وَفِي تَحْرِيمِ مَا عَدَاهُ مِنَ التَّلَذُّذِ وَجْهَانِ.
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ لَمْ يَفْتَرِقَا حَتَّى وَضَعَتْ حَمْلًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ نِفَاسِهَا ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً مُسْتَقْبَلَةً مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْبَيْعَ إِنَّمَا تَمَّ حِينَ تَفَرَّقَا عَنْ مَكَانِهِمَا الَّذِي تَبَايَعَا فِيهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْتَبَرَ الشَّافِعِيُّ هَاهُنَا وُجُودَ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ وَلُزُومِهِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ فِيهِ وَجُودَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَفِيهِ شَاهِدٌ مِنْ مَذْهَبِهِ عَلَى مَا أُخْبِرْتُهُ مِنْ أَنَّ الْقَبْضَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ أَصْحَابُنَا فَجَعَلُوهُ شَرْطًا فِيهِ، فَإِذَا وَضَعَتِ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَاةُ حَمْلَهَا بَعْدَ الْبَيْعِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا أَنْ تَضَعَهُ بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ بِالتَّفَرُّقِ وَمُضِيِّ زَمَانِ الْخِيَارِ فَيَكُونُ اسْتِبْرَاءً يَحِلُّ بِهِ الْمُشْتَرِي.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَضَعَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ التَّفَرُّقِ فَيَكُونُ الِاسْتِبْرَاءُ بِهِ مَبْنِيًّا عَلَى