إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ، فَتَكُونَ نَفَقَتُهُ في حياته ومؤونة كَفَنِهِ وَدَفْنِهِ فِي مَالِهِ دُونَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ نَفَقَةِ حَمْلِهِ، فَأَمَّا قَوْلُ الْمُزَنِيِّ: " فَإِنْ أُشْكِلَ الْأَمْرُ لَمْ آخُذْهُ بِنَفَقَتِهِ " يَعْنِي لَمْ يَأْخُذْهُ وَحْدَهُ بِهَا كَأَنَّهُ يَأْخُذُهَا مِنْهُمَا؟
فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا وَاشْتَرَكَا فِي تَحَمُّلِ نَفَقَتِهِ حَمْلًا وَمَوْلُودًا ثُمَّ لَحِقَ بِأَحَدِهِمَا، فَإِنْ أَرَادَ الْآخَرُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ لَمْ تَخْلُ حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُدَّعِيًا لِلْوَلَدِ أَوْ غَيْرَ مُدَّعٍ لَهُ، فَإِنْ كَانَ مُدَّعِيًا لَهُ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَنْفَقَ، لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَنَّهُ أَنْفَقَهَا عَلَى وَلَدٍ، وَإِنْ نَفَاهُ الشَّرْعُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَّعٍ لَهُ وَلَا مُنَازِعٍ فِيهِ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَنْفَقَ بِحُكْمِ حَاكِمٍ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ، لِأَنَّ الْحُكْمَ يُوجِبُ تَحَمُّلَهَا فَوَجَبَ الرُّجُوعُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ فَإِنْ شَرَطَ الرُّجُوعَ فِي حَالِ الْإِنْفَاقِ رَجَعَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا، لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ تَطَوُّعًا، وَحَكَى ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجْهًا آخَرَ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا، لِأَنَّ تَحَمُّلَهَا مَعَ الِاشْتِبَاهِ قَدْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَاسْتَوَى فِي الرُّجُوعِ بِهَا حُكْمُ الْحَاكِمِ وَعَدَمُهُ.
فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ حَكَى عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمَوْلُودِ مِنَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَحُكِيَ عَنْهُ: أَنَّهُ لَا يُلْحَقُ بِهِ كَالْبَائِنِ، وَاخْتَارَهُ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ مَعَهُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.