الحاوي الكبير (صفحة 5287)

[الطلاق: 4] وَلِحَدِيثِ سُبَيْعَةَ وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَجَلُ كُلِّ ذَاتِ حَمْلٍ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا " فَلَمْ تَجُزِ الزِّيَادَةُ فِي عِدَّتِهَا عَلَى نَصِّ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلِأَنَّ وَضْعَ الْحَمْلِ قَدْ تَحَقَّقَتْ بِهِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَتَأْثِيرُ النِّفَاسِ بَعْدَهُ فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَهَذَا غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ كَالْحَائِضِ.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَمَفْسُوخٍ يَعْنِي فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِيهِمَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ، لِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ تَجِبُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ لَا تَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، فَإِنْ لَمْ يقترن بَيْنَهُمَا فَإِذَا مَاتَ عَنْهَا وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِمَوْتِهِ فَاسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ الْفُرْقَةِ لَا عِدَّةَ الْمَوْتِ، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَبِوَضْعِ الْحَمْلِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ فَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الشُّهُورِ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ فَصَارَتْ مُخَالِفَةً لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَإِنَّمَا يَجْتَمِعَانِ فِي شَيْئَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي ابْتِدَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهَا مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ.

وَالثَّانِي: فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَمِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِيمَا سِوَاهُمَا مِنَ الْأَحْكَامِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قال الشافعي رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَيْسَ لِلْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا نَفَقَةٌ قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَا نَفَقَةَ لَهَا حَسْبُهَا الْمِيرَاثُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ لأن مالكه قد انقطع بالموت (قال الْمُزَنِيِّ) : هَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ فِي الْبَابِ الثَّانِي وهو أصح، وهو في الباب الثالث مشروح ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: لَا نَفَقَةَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا حَامِلًا كَانَتْ أَوْ حَائِلًا.

وَبِهِ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَجُمْهُورُ التَّابِعِينَ، وَالْفُقَهَاءِ، وَحُكِيَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ إِذَا كَانَتْ حَامِلًا لِقَوْلِ اللَّهِ: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] وَكَالْمُطَلَّقَةِ الْحَامِلِ وَاعْتِبَارًا بِوُجُوبِ السُّكْنَى.

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِنَّمَا النَّفَقَةُ لِلَّتِي يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا " وَلَيْسَ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا رَجْعَةٌ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ؛ وَلِأَنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ مُتَجَدِّدٌ مَعَ الْأَوْقَاتِ فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ بِالْوَفَاةِ كَنَفَقَاتِ الْأَقَارِبِ، وَلِأَنَّ استحقاقها للنفقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015