قال الشافعي رحمه لله قال اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} الْآيَةَ قَالَ وَالْمَسِيسُ الْإِصَابَةُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَشُرَيْحٌ وَغَيْرُهُمَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إِلَّا بَالْإِصَابَةِ بِعَيْنِهَا لَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ هَكَذَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ) وَهَذَا ظَاهِرُ الْقُرْآنِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَلَا يَخْلُو حَالُ الْمُطَلَّقَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تُطَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْخَلْوَةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا لِقَوْلِ اللَّهِ: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49] وَلَيْسَ لَهَا مِنَ الْمَهْرِ إِلَّا نِصْفَهُ لِقَوْلِ الله: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] .
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: يُطَلِّقُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ، وَلَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ كَامِلًا لِدَلِيلِ الْخِطَابِ فِي الْآيَتَيْنِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ الْخَلْوَةِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ، وَكَمَالِ الْمَهْرِ، عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ: أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حتيفة - أن الخلوة فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَكَمَالِ الْمَهْرِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي بَعْضِ الْقَدِيمِ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تُوجِبُ الْعِدَّةَ وَلَا يَكْمُلُ بِهَا الْمَهْرُ لَكِنْ يَكُونُ لِمُدَّعِي الْإِصَابَةِ مِنْهُمَا، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي بَعْضِ الْقَدِيمِ.
وَالثَّالِثُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ وَالْمَعْمُولُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ الْخَلْوَةَ لَا تُوجِبُ الْعِدَّةَ وَلَا يَكْمُلُ بِهَا الْمَهْرُ بِخِلَافِ مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَلَا تَكُونُ لِمُدَّعِي الْإِصَابَةِ بِخِلَافِ مَا قَالَ مَالِكٌ وَيَكُونُ وَجُودُهَا فِي الْعِدَّةِ وَالْمِهْرِ كَعَدَمِهَا، وَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ مِنْ تَوْجِيهِ الْأَقَاوِيلِ وَحِجَاجِ الْمُخَالِفِ مَا أَغْنَى عن الإعادة.
(مسألة)
قال الشافعي: " فَإِنْ وَلَدَتِ الَّتِي قَالَ زَوْجُهَا لَمْ أَدْخُلْ بِهَا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لَأَكْثَرِ مَا يَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ مِنْ يَوْمِ عَقْدِ نِكَاحِهَا لَحِقَ نَسَبُهُ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ إِذَا أَلْزَمْنَاهُ الْوَلَدَ حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُصِيبٌ مَا لَمْ تَنْكِحْ زَوْجًا غَيْرَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ ".