الْقَافَةِ لَهُ، وَيَجُوزُ هُنَا لِلْأَوَّلِ أَنْ يُرَاجِعَهَا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّنَا لَمْ نَحْكُمْ بِهِ لِغَيْرِهِ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ لَا يُلْحَقَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهُوَ أَنْ تَضَعَهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ طلاق الأول ولأقل مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ دُخُولِ الثَّانِي، فَإِنْ كَانَ طَلَاقُ الْأَوَّلِ بَائِنًا لَمْ يُلْحَقْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَمْ تَنْقَضِ بِهِ عِدَّةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِوِفَاقِ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَاحِقٍ بِأَحَدِهِمَا، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْتُهُ مِنْ قَبْلُ: إِنَّهُ إِذَا لَمْ يُلْحَقُ بِالْمُطَلِّقِ لَمْ تَنْقَضِ بِهِ عِدَّتُهُ، وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّهَا تَنْقَضِي وَإِنْ كَانَ طَلَاقُ الْأَوَّلِ رَجْعِيًّا فَعَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ حُكْمَهُ كَذَلِكَ لَا يُلْحَقُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَعَلَيْهَا أَنْ تُتِمَّ عِدَّةَ الْأَوَّلِ وَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا فِيهَا ثُمَّ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الثَّانِي وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِيهَا وَيَكُونُ الْوَلَدُ وَلَدَ زِنًى.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْوَلَدَ يُلْحَقُ بِالْأَوَّلِ وَتَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَسْتَأْنِفُ بَعْدَ وِلَادَتِهِ عِدَّةَ الثَّانِي بِالْأَقْرَاءِ وَيَكُونُ عَلَى مَا مَضَى فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنْ يُمْكِنَ لُحُوقُهُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ فَهُوَ أَنْ تَضَعَهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَمَا دُونَهَا مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ دُخُولِ الثَّانِي فَنَدَّعِي لَهُ الْقَافَةَ فَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِالْأَوَّلِ كَانَ كَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِالثَّانِي كَانَ كَالْقِسْمِ الثَّانِي وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَى الْقَافَةِ أَوْ عَدِمُوا وُقِفَ إِلَى زَمَانِ الِانْتِسَابِ حَتَّى يَنْتَسِبَ بِطَبْعِهِ إِلَى أَبِيهِ مِنْهُمَا، وَتَنْقَضِي إِحْدَى الْعِدَّتَيْنِ بِوَضْعِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِوَقْتِهِ فَتَأْتِي بِالْعِدَّةِ الثَّانِيَةِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ اسْتِظْهَارًا؛ لِأَنَّهُ لَحِقَ بِالْأَوَّلِ كَانَ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ لِلثَّانِي وَإِنْ لَحِقَ بِالثَّانِي كَانَ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الْأَوَّلِ فَصَارَتِ الثَّلَاثَةُ الْأَقْرَاءِ احْتِيَاطًا.
قال الشافعي: " فإن قيل فكيف لم ينف الْوَلَدُ إِذَا أَقَرَّتْ أُمُّهُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ إِقْرَارِهَا؟ قِيلَ لَمَّا أَمْكَنَ أَنْ تَحِيضَ وَهِيَ حَامِلٌ فَتُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْحَمْلُ قَائِمٌ لَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّ الْوَلَدِ بِإِقْرَارِهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَلْزَمْنَاهُ الْأَبَ مَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ حَمْلًا مِنْهُ وَكَانَ الَّذِي يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَلَا يَمْلِكُهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّ كِلْتَيْهِمَا تَحِلَّانِ بِانْقِضَاءٍ للأزواج وقال في باب اجتماع العدتين والقافة إن جاءت بولد لأكثر من أربع سنين من يوم طلقها الأول إن كان يملك الرجعة دعا له القافة وإن كان لا يملك الرجعة فهو للثاني (قال المزني) رحمه الله فجمع بين من له الرجعة عليها ومن لا رجعة له عليها في باب المدخول بها وفرق بينهما بأن تحل في باب اجتماع العدتين والله أعلم ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي مُطَلَّقَةٍ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالشُّهُورِ، أَوِ الْأَقْرَاءِ