أَحَدُهُمَا: لَا يُوقَفُ فَعَلَى هَذَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ، وَلَا يَرِثُ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ تَصْدِيقُ مَنْ صَدَّقَ مَعَ تَكْذِيبِ مَنْ كَذَّبَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُوقَفُ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَوَرِثَ مَنْ صَدَّقَ وَكَذَّبَ، وَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَلَمْ يَرِثْ مِنْ حَقِّ مَنْ صَدَّقَ وَكَذَّبَ، فَهَذَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ إِنْ كَانَتْ دَعْوَاهُمَا لِرَجْعَةٍ أَوْ نِكَاحٍ.
فَأَمَّا إِنْ كَانَتْ لِوَاطِئِ شُبْهَةٍ فَإِنَّهَا تَقْصُرُ عَنْ دَعْوَى الرَّجْعَةِ وَالْعَقْدِ فِي حَقَّيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مِيرَاثُهَا فَإِنَّ الْمَوْطُوءَةَ بِشُبْهَةٍ لَا مِيرَاثَ لَهَا.
وَالثَّانِي: فِي النَّفَقَةِ فَإِنَّ الْمَوْطُوءَةَ بِشُبْهَةٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا إِنْ كَانَتْ حائلاً، وَفِي نَفَقَتِهَا إِنْ كَانَتْ حَامِلًا قَوْلَانِ، وَهِيَ فِيمَا سِوَى هَذَيْنِ مِنْ لُحُوقِ النَّسَبِ وَاسْتِحْقَاقِ مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى مَا مَضَى تَقْسِيمًا وَحُكْمًا.
(مسألة)
قال الشافعي: " وَلَوْ نَكَحَ فِي الْعِدَّةِ وَأُصِيبَتْ فَوَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ نِكَاحِ الْآخَرِ وَتَمَامِ أَرْبَعِ سَنِينَ مِنْ فِرَاقِ الْأَوَّلِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ لَأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ فِرَاقِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنِ ابْنَ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لم يمكن من واحد منهما (قال المزني) رحمه الله فهذا قد نفاه بلا لعان فهذا والذي قبله سواء ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا: فِي مُعْتَدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا زَوْجًا، فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ لِتَحْرِيمِهَا عَلَى الْأَزْوَاجِ مَعَ بَقَاءِ الْعَدَّةِ وَلَهَا حَالَتَانِ:
أحدهما: أَنْ لَا يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ فَتَكُونُ سَارِيَةً فِي عِدَّتِهَا غَيْرَ أَنَّ مَا أَقْدَمَتْ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ قَدْ أَسْقَطَ نَفَقَتَهَا إِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً وَسُكْنَاهَا إِنْ كَانَتْ بَائِنَةً، لِأَنَّهَا قَصَدَتْ بِذَلِكَ إِسْقَاطَ حَقِّ الْمُطَلِّقِ فَسَقَطَ حَقُّهَا عَنِ الْمُطَلِّقِ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ الثاني، فلها حالتان:
أحدهما: أَنْ يَعْلَمَا التَّحْرِيمَ فَيَكُونَ الْحَدُّ عَلَيْهَا وَاجِبًا لِارْتِفَاعِ الشُّبْهَةِ بِعِلْمِهَا بِالتَّحْرِيمِ وَتَسْرِي فِي عِدَّتِهَا وَلَا تَنْقَطِعُ بِهَذَا الْوَطْءِ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ بِهِ فِرَاشًا وَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لَمْ يُلْحَقْ بِالثَّانِي وَلَحِقَ بِالْأَوَّلِ إِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَجْهَلَا التَّحْرِيمَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِلشُّبْهَةِ، وَقَدْ صَارَتْ فِرَاشًا لِلثَّانِي بِالْإِصَابَةِ وَخَرَجَتْ مِنْ عِدَّةِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِرَاشًا لِوَاحِدٍ وَمُعْتَدَّةً مِنْ آخر ووجبت أن يفرق بينهما وَبَيْنَ الثَّانِي، فَإِذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَعَلَيْهَا أَنْ تُتِمَّ عِدَّةَ الْأَوَّلِ ثُمَّ تَعْتَدَّ مِنْ إِصَابَةِ الثَّانِي فَيَجْتَمِعَ عَلَيْهَا عِدَّتَانِ، وَلَهَا حَالَتَانِ حَائِلٌ، وَحَامِلٌ.
فَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا فَالْعِدَّتَانِ بِالْأَقْرَاءِ فَتُقَدَّمُ عِدَّةُ الْأَوَّلِ عَلَى عِدَّةِ الثَّانِي لِتَقَدُّمِ وُجُوبِهَا