لِاسْتِوَاءِ حُكْمِهَا؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَ: أَقْرَرْتُ بِالزِّنَا لَمْ يُحَدَّ، وَمَنْ قَالَ: أَقْرَرْتُ بِالْقَتْلِ: أُقْيِدَ فَعَلَى هَذَا إِذَا أَقَامَ الزَّوْجُ بَعْدَ قَذْفِهَا شَاهِدَيْنِ عَلَى إِقْرَارِهَا بِالزِّنَا سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ ولم يجب عليها الحد لأن بإنكارها رجوع فِي الْإِقْرَارِ، فَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى زِنَاهَا فَفِي جَوَازِ ذَلِكَ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الطِّيِّبِ بْنِ سَلَمَةَ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ تَصْدِيقًا لِقَذْفِهَا وَتَكْذِيبًا لِإِنْكَارِهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَحُّ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، وَيُمْنَعُ مِنَ التَّعَرُّضِ لَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِهِ حَقًّا؛ لِأَنَّ حَدَّهُ قَدْ سَقَطَ بِإِقْرَارِهَا.
وَإِذَا ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا الْقَذْفَ فَأَنْكَرَ فَشَهِدَ عَلَيْهِ ابْنَاهُ بِقَذْفِهَا، فَإِنْ كَانَا مِنْ غَيْرِهَا سُمِعَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَا مِنْهَا لَمْ تُسْمَعْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لِأُمِّهِمَا، وَإِذَا قَذَفَهَا وَشَهِدَ ابْنَاهَا عَلَى إِقْرَارِهَا بِالزِّنَا فَإِنْ كَانَا مِنْ غَيْرِهِ سُمِعَتْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهَا عَلَى أُمِّهِمَا، وَإِنْ كَانَا مِنْهُ لَمْ تُسْمَعْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لِأَبِيهِمَا، وَإِذَا قَذَفَهَا وَشَهِدَ عَلَيْهَا أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى مِنْ بَنِيهَا لَمْ يَسْقُطْ بِهَا الْحَدُّ عَنِ الْأَبِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لَهُ وَفِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى الْأُمِّ قَوْلَانِ، مَبْنِيَّانِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الشَّهَادَةِ، إِذَا رُدَّ بَعْضُهَا هَلْ يُوجِبُ رَدَّ جَمِيعِهَا؟ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا تُحَدُّ، إِذَا قِيلَ: إِنَّ رَدَّ الشَّهَادَةِ فِي الْبَعْضِ يُوجِبُ رَدَّ جَمِيعِهَا لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لِأَبِيهِمْ عَلَى أُمِّهِمْ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ لِلْأَبِ.
وَالثَّانِي: تُحَدُّ إِذَا قُلْنَا إِنَّ رَدَّ بَعْضِهَا لَا يُوجِبُ رَدَّ جَمِيعِهَا إِذَا رُدَّتْ فِي حَقِّ الْأَبِ وَأَمْضِيَتْ عَلَى الْأُمِّ، وَلَوْ شَهِدَ ابْنَاهَا عَلَى أَنَّ أَبَاهُمَا قَذَفَ زَوْجَةً لَهُ أُخْرَى غَيْرَ أُمِّهِمَا فَفِي قَبُولِ شهادتهما قولان ذكرهما في القديم ونقلها الْمُزَنِيُّ فِي جَامِعِهِ الْكَبِيرِ:
أَحَدُهُمَا: تُرَدُّ شَهَادَتُهُمَا وَلَا تُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَبِيهِمَا لِغَيْرِ أُمِّهِمَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُلَاعِنُ مِنْهَا إِذَا ثَبَتَ قَذْفُهُ فَتَنْتَفِعُ الْأُمُّ بِعَدَمِ الضَّرَّةِ وَخُلُوعِهَا بِالزَّوْجَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَحُّ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ إِنَّ شَهَادَتَهُمَا مَقْبُولَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِأُمِّهِمَا فِيهَا إِلَّا أَنْ تُسَرَّ بِفِرَاقِ ضَرَّتِهَا، وَهَذَا غَيْرُ مُؤَثِّرٍ، لِأَنَّهُ لِلْأَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَكَانَهَا وَهَكَذَا لَوْ شَهِدَ ابْنَاهُمَا عَلَى الزَّوْجِ بِطَلَاقِ غَيْرِ أُمِّهِمَا كَانَ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، ذَكَرَهُمَا فِي القديم:
أحدهما: لا يقبل.
والثاني: يقبل وتوجيهما ما قدمناه والله أعلم.
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ قَذَفَهَا وَقَالَ كَانَتْ أَمَةً أَوْ مُشْرِكَةً