أَحَدُهُمَا: ارْتِفَاعُ حَصَانَتِهَا عَلَى الْعُمُومِ مَعَ الزَّوْجِ وَمَعَ غَيْرِهِ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا بِحَالٍ.
وَالثَّانِي: وُجُوبُ الْحَدِّ عَلَيْهَا، إِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَجَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَرَجْمٌ، وَلَا يَنْتَفِي الْوَلَدُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يَرْتَفِعُ بِهَا الفراش إلا أن يلتعن، فإن أردا الزَّوْجُ أَنْ يَلْتَعِنَ لَمْ يَخْلُ حَالُ لِعَانِهِ مَعَ سُقُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ عَنْهُ بِالْبَيِّنَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَلْتَعِنَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ.
وَالثَّانِي: لِنَفْيِ الْحَمْلِ.
وَالثَّالِثُ: لِرَفْعِ الْفِرَاشِ.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنْ يَلْتَعِنَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ، فَيَجُوزُ لَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَنْتَفِي إِلَّا بِهِ، فَكَانَتْ ضَرُورَتُهُ إِلَيْهِ دَاعِيَةً، ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ قَذَفَهَا قَبْلَ الشَّهَادَةِ، جَازَ أَنْ يُلَاعِنَهَا بِذَاكَ الْقَذْفِ وَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ حَدُّهُ بِالشَّهَادَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَذَفَهَا قَبْلَ الشَّهَادَةِ فَهَلْ يَسْتَغْنِي بِالشَّهَادَةِ عَنِ التَّلَفُّظِ بِقَذْفِهَا أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مُحْتَمَلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَسْتَغْنِي بِهَا عَنِ الْقَذْفِ لِثُبُوتِ الزِّنَا عَلَيْهَا، فَعَلَى هَذَا يَقُولُ فِي لِعَانِهِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ فِي زِنَاهَا، وَلَا يَقُولُ: فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنَ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْمِهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَسْتَغْنِي بِالشَّهَادَةِ عَنِ الْقَذْفِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يرمون أزواجهم} فَجَعَلَ رَمْيَهُ شَرْطًا فِي لِعَانِهِ، فَعَلَى هَذَا يَسْتَأْنِفُ الْقَذْفَ، وَيَأْتِي بِاللِّعَانِ عَلَى صِفَتِهِ. فَصْلٌ: أما القسم الثاني: وهو أن تلتعن لنفي الحمل قبل وضعه، ففي قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَاخْتَارَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ لَا يَلْتَعِنُ منه قبل وضعه؛ لأن لعانه مقصوراً عَلَى نَفْيِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُنْتَفٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ رِيحًا فَيَنْفُشُ وَإِنَّمَا يُلَاعِنُ لِنَفْيِهِ إِذَا كَانَ حَدُّ الْقَذْفِ وَاجِبًا عَلَى الزَّوْجِ لِيُسْقِطَ بِلِعَانِهِ حَدَّ الْقَذْفِ عَنْ نَفْسِهِ، وَيَكُونُ نَفْيُ الحمل تبعاً وليس على الزوج ها هنا حَدٌّ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَلْتَعِنَ فِيمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ احْتِمَالَيْنِ إِلَّا بَعْدَ تَيَقُّنِهِ بِالْوِلَادَةِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَبْتُوتَةِ الْحَامِلِ وَيَجُوزُ أَنْ يَلْتَعِنَ لِنَفْيِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ لَهُ حُكْمًا معتبراً وظاهراً مغلباً.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَلْتَعِنَ لِرَفْعِ الْفِرَاشِ لَا غَيْرَ، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا: لَا يَجُوزُ أَنْ يَلْتَعِنَ لِرَفْعِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، فَلَمْ