شَهْرًا] قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: وَكَانَ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَكَانَ قَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَانْصَرَفَ إِلَى الْكَعْبَةِ
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَكَانَ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ من الهجرة
وقال ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوَّلُ مَا نُسِخَ مِنَ الْقُرْآنِ فِيمَا ذُكِرَ لَنَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - بَيَانُ الْقِبْلَةِ وَالْقِيَامُ الْأَوَّلُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْقِبْلَةَ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَتَغَيَّرَتْ أُمُورُ النَّاسِ حَتَّى ارْتَدَّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَوْمٌ، وَنَافَقَ قَوْمٌ، وَقَالَتِ الْيَهُودُ: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدِ اشْتَاقَ إِلَى بَلَدِهِ، وَقَالَتْ قُرَيْشٌ: إِنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَدْ عَلِمَ أَنَّا عَلَى هُدًى وَسَيُتَابِعُنَا، وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ} [البقرة: 143] يَعْنِي: فِي اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ {مِمَّنْ ينقلب على عقبيه} [البقرة: 143] بِالرِّدَّةِ، أَوِ النِّفَاقِ {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} [البقرة: 143] يَعْنِي: بِالْكَعْبَةِ، وَالتَّوْلِيَةِ عَنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى الْكَعْبَةِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَمَّا اسْتَقْبَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَى رَفَاعَةُ بْنُ قَيْسٍ، وَكَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ، وَابْنُ أَبِي الْحَقِيقِ، وَهُمْ زُعَمَاءُ الْيَهُودِ فَقَالُوا لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا وَلَّاكَ عَنْ قِبْلَتِكَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَدِينِهِ ارْجِعْ إِلَى قِبْلَتِكَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا نَتَّبِعْكَ وَنُصَدِّقْكَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ فِتْنَتَهُ عَنْ دِينِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 142] ثُمَّ قَالَ الْمُسْلِمُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِمَنْ مَاتَ مِنْ إِخْوَانِنَا اسْتِقْبَالُ الْكَعْبَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) {1) [البقرة: 143] يَعْنِي: صَلَاتَكُمْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لرؤوف رَحِيمٌ} [البقرة: 143] يَعْنِي: قَوْلَهُ: أَنَّهُ لَا يُحْبِطُ لَهُمْ عَمَلًا، وَلَا يُضِيعُ لَهُمْ أَجْرًا، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ صَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ، وَأَوْصَى بِثُلْثِ مَالِهِ وَأَمَرَ أَنْ يُوَجِّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، وَابْنُهُ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ الَّذِي أَكَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنَ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ فَمَاتَ