الطَّهَارَةُ فِي الْبَعْضِ عِتْقَ الْبَعْضِ وَصَوْمَ الْبَعْضِ فَجَازَ فِي الْوَاجِدِ لِبَعْضِ الْمَاءِ أَنْ يَنُوبَ عَنْ بَاقِيهِ وَصَحَّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ صَوْمُ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ لَا يَنُوبُ عَنْ بَعْضِ الْعِتْقِ فَلَمْ يَجُزِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قال الشافعي رضي الله عنه: (وَكُلُّ الْكَفَّارَاتِ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تَخْتَلِفُ وَفِي فَرْضِ اللَّهِ عَلَى لِسَانِ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسنة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ما يدل على أنه بمد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَيْفَ يَكُونُ بِمُدِّ مَنْ لَمْ يُولَدْ فِي عهده أو مد أحدث بعده وإنما قلت مدا لكل مسكين لحديث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في المكفر في رمضان فإنه آتى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعرق فيه خمسة عشر صاعاً فقال للمكفر كفر به وقد أعلمه أن عليه إطعام ستين مسكيناً فهذا مدخله وكانت الكفارة بالكفارة أشبه في القياس من أن نقيسها على فدية في الحج وقال بعض الناس المد رطلان بالحجازي وقد احتججنا فيه مع أن الآثار على ما قلنا فيه وأمر الناس بدار الهجرة وما ينبغي لأحد أن يكون اعلم بهذا من أهل المدينة وقالوا أيضاً لو أعطى مسكيناً واحداً طعام ستين مسكينا في ستين يوماً أجزأه (قال الشافعي) رحمه الله: لئن أجزأه في كل يوم وهو واحد ليجزئه في مقام واحد فقيل له أرأيت لو قال قائل قال الله {وأشهدوا ذوي عدل منكم} شرطان عدد وشهادة فأنا أجيز الشهادة دون العدد فإن شهد اليوم شاهد ثم عاد لشهادته فهي شهادتان فإن قال لا حتى يكونا شاهدين فكذلك لا حتى يكونوا ستين مسكيناً وقال أيضاً لو أطعمه أهل الذمة أجزأه فإن أجزأ في غير المسلمين وقد أوصى الله تبارك وتعالى بالأسير فلم لا يجزئ أسير المسلمين الحربي والمستأمنون إليهم) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي أَعْدَادِ الْأَمْدَادِ وَإِنَّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدًّا وَاحِدًا فِي جَمِيعِ الْكَفَّارَاتِ إِلَّا فِدْيَةَ الْأَذَى فَإِنَّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ، فَأَمَّا مِقْدَارُ الْمُدّ وَهُوَ مُدُّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَدْرُهُ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْعِرَاقِيِّ فِي جَمِيعِ الْكَفَّارَاتِ، وقال مالك جميع الكفارات بعج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا كَفَّارَةَ الظِّهَارِ فَإِنَّهَا بِالْمُدِّ الْحَجَّاجِيِّ وَأَصْلُ هَذَا صَاعُ الزَّكَاةِ وَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِ الزكاة.
(مسألة:)
قال الشافعي رضي الله عنه: (لَوْ غَدَّاهُمْ أَوْ عَشَّاهُمْ وَإِنْ تَفَاوَتَ أَكْلُهُمْ فَأَشْبَعَهُمْ أَجْزَأَ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَعْنِي بِهَذَا أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ قَالُوا إِنَّهُ لَوْ غَدَّى الْمَسَاكِينَ وَعَشَّاهُمْ أَجَزْأَهُ وَإِنْ لَمْ يُجْزِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ. قَالُوا: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْإِطْعَامِ سَدُّ الْجَوْعَةِ