أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعُمُومَ يَقْتَضِي عِتْقَ الْكَافِرَةِ وَالْمُؤْمِنَةِ وَاشْتِرَاطُ الْإِيمَانِ يَخْرُجُ مِنْهُ عِتْقُ الْكَافِرَةِ.
وَالثَّانِي: جَوَازُ اسْتِثْنَاءِ الْكَافِرَةِ مِنْهُ فَنَقُولُ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ لَا أَنْ تَكُونَ كَافِرَةً فَبَانَ أَنَّهُ تَخْصِيصٌ وَلَيْسَ بِزِيَادَةٍ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ على المؤمنة والقاتلة والفاسقة وهو أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِمْ جَوَازُ عِتْقِهِمْ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ فَلِذَلِكَ أَجْزَأَ فِي الظِّهَارِ وَالْكَافِرَةُ لَا تُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ فَلَمْ تُجْزِئْ فِي كفارة الظهار والله أعلم.
قال الشافعي رضي الله عنه: (وَإِنْ كَانَتْ أَعْجَمِيَّةً وَصَفَتِ الْإِسْلَامَ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْأَعْجَمِيَّةِ وَالْعَرَبِيَّةِ وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي اخْتِبَارِ إِيمَانِ السَّوْدَاءِ بِالْإِشَارَةِ وَكَانَتْ أَعْجَمِيَّةً وَلِأَنَّ الْإِيمَانَ يَثْبُتُ بِاللَّفْظِ الْأَعْجَمِيِّ كَمَا يَثْبُتُ بِاللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ لِأَنَّهُمَا يُعَبِّرَانِ عَنِ الِاعْتِقَادِ فَاسْتَوَيَا فِيهِ كَالْإِقْرَارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ:)
قَالَ الشافعي رضي الله عنه: (فَإِنْ أَعْتَقَ صَبِيَّةً أَحَدُ أَبَوَيْهَا مُؤْمِنٌ أَجْزَأَ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِسْلَامُ الْأَبَوَيْنِ مَعًا فَهُوَ إِسْلَامٌ لِصِغَارِ أَوْلَادِهِمَا إِجْمَاعًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَأَتْبَعْنَاهُمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذرياتهم} [الطور: 21] وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ كَمَا تَنَاتَجُ الْإِبِلُ مِنْ بَهِيمَةٍ جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّ مِنْ جَدْعَاءَ) فَأَمَّا إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ هَلْ يَكُونُ إِسْلَامًا لِصِغَارِ أَوْلَادِهِ أَمْ لَا عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا حَتَّى يُسْلِمَ أَبَوَاهُ مَعًا.
وَالثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ وَلَا يَكُونُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أُمِّهِ.
وَالثَّالِثُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَبًا أَوْ أُمًّا وَفِي قوله تعالى: {وأتبعناهم ذرياتهم} [الطور: 21] والأولاد من ذرية الأم كما (هم) مِنْ ذُرِّيَّةِ الْأَبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36] . وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ} إِلَى قَوْلِهِ {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى} [الأنعام: 84، 85] وَهُوَ وَلَدُ بِنْتٍ، وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ) فَجَعَلَهُ بِبَقَائِهَا عَلَى الْيَهُودِيَّةِ يَهُودِيًّا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ