الحاوي الكبير (صفحة 4944)

عَلَى الْمَجْنُونِ، فَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ فَكَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ ظِهَارُهُ وَالْكَافِرُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ فَصَحَّ ظِهَارُهُ.

(فَصْلٌ:)

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ ظِهَارَ الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ صَحِيحٌ فَكُلُّ زَوْجٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ ظَاهَرَ صَحَّ ظِهَارُهُ فَتَكُونُ صِحَّتُهُ مُعْتَبَرَةً بِشَرْطَيْنِ هُمَا: الْبُلُوغُ، وَالْعَقْلُ كَالطَّلَاقِ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُهُمَا كَمَا لَا يَصِحُّ طلاقهما لارتفاع القلم عنهما.

(مسألة:)

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَفِي امْرَأَتِهِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعِهَا أَوْ لَا يَقْدِرُ بِأَنْ تَكُونَ حَائِضًا أَوْ مُحْرِمَةً أَوْ رَتْقَاءَ أَوْ صَغِيرَةً) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَمَّا الزَّوْجَةُ الَّتِي يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْهَا فَهِيَ الَّتِي يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ زَوْجَةً سَوَاءً كَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً عَاقِلَةً أَوْ مَجْنُونَةً لِأَنَّنَا نَعْتَبِرُ الْبُلُوغَ وَالْعَقْلَ فِي الزَّوْجِ وَلَا نَعْتَبِرُهُمَا فِي الزَّوْجَةِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - (دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ) رَدًّا عَلَى قَوْمٍ زَعَمُوا أَنَّ الظِّهَارَ لَا يَصِحُّ إِلَّا مِنْ مَدْخُولٍ بِهَا وَهَذَا قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْعَوْدَ فِي الظِّهَارِ هُوَ الْعَوْدُ إِلَى الْوَطْءِ ثَانِيَةً بَعْدَ أُولَى فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا عِنْدَ ظِهَارِهِ فَوَطِئَهَا لَمْ يَكُنْ عَوْدًا؛ لِأَنَّهُ الْوَطْءُ الْأَوَّلُ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ فِيهَا الْعَوْدُ لَمْ يَصِحَّ مِنْهَا الظِّهَارُ. وَالْكَلَامُ مَعَهُمْ يَأْتِي فِي الْعَوْدِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مُظَاهِرٍ عَائِدًا فَجَازَ أَنْ يَصِحَّ الظِّهَارُ مِمَّنْ لَا يُوجَدُ مِنْهُ الْعَوْدُ، ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعِهَا أَوْ لَا يَقْدِرُ بِأَنْ تَكُونَ حَائِضًا أَوْ مُحْرِمَةً أَوْ رَتْقَاءَ أَوْ صَغِيرَةً وَهَذَا قَالَهُ رَدًّا عَلَى آخَرِينَ زَعَمُوا أَنَّ الظِّهَارَ لَا يَصِحُّ إِلَّا على من يمكن جماعها لصغير أَوْ رَتَقٍ، أَوْ لَا تَحِلُّ لِإِحْرَامٍ أَوْ حَيْضٍ لِأَنَّهُ حَرَّمَ بِالظِّهَارِ مَا لَمْ يَكُنْ لِتَحْرِيمِ الظِّهَارِ فِيهِ تَأْثِيرٌ. وَهَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّ الظِّهَارَ كَانَ لَفْظًا نُقِلَ حُكْمُهُ مَعَ بَقَاءِ مَحَلِّهِ وَالطَّلَاقُ يَقَعُ عَلَيْهِنَّ فَصَحَّ الظِّهَارُ مِنْهُنَّ.

(مسألة:)

قال الشافعي رضي الله عنه: (أَوْ فِي عِدَّةٍ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا فَذَلِكَ كُلُّهُ سواء (قَالَ الْمُزَنِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الَّتِي يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ إِنْ رَاجَعَهَا لِأَنَّهُ يَقُولُ لَوْ تَظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ أَتْبَعَ التَّظْهِيرَ طَلَاقًا مَلَكَ فِيهِ الرَّجْعَةَ فَلَا حُكْمَ للإيلاء حتى يرتجع فإذا ارتجع رجع حكم الإيلاء وقد جمع الشافعي رحمه الله بينهما حيث يلزمان وحيث يسقطان وفي هذا لما وصفت بيان) .

قال الماوردي: إن ظَاهَرَ مِنَ الْمُطَلَّقَةِ لَمْ يَخْلُ طَلَاقُهَا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا فَإِنْ كَانَ بَائِنًا لَمْ يَصِحَّ الظِّهَارُ مِنْهَا لِأَنَّهَا لَا يَقَعُ عَلَيْهَا لِخُرُوجِهَا مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015