حَقِّ الْإِيلَاءِ وَعَصَيْتَ بِالْوَطْءِ فِي الْإِحْرَامِ أَوِ الصيام وإن لم يطأ لم يتوجه عليك مآثم التحريم، وإن توجهت عليك الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ أَوِ الطَّلَاقِ فَإِنْ أَقَمْتَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهَا فَعَلَى مَا مَضَى مِنَ الْقَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يُحْبَسُ حَتَّى يَفْعَلَ أَحَدَهُمَا.
وَالثَّانِي: يُطَلِّقُ الْقَاضِي عَلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْمُزَنِيُّ رضي الله عنه: (وقال في موضعين - يعني الشافعي - وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَسِيرَةَ أَشْهُرٍ وَطَلَبَهُ وَكِيلُهَا بِمَا يَلْزَمُهُ لَهَا أَمَرْنَاهُ أَنْ يَفِيءَ بِلِسَانِهِ وَالْمَسِيرِ إِلَيْهَا كَمَا يُمْكِنُهُ فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، إِذَا سَافَرَ الْمُولِي عَنْ زَوْجَةٍ فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ كَانَ زَمَانُ سَفَرِهِ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ مِنْ مُدَّةِ وَقْفِهِ لِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ جِهَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ آلَى مُبْتَدِئًا فِي سَفَرِهِ كَانَ مَا جَاوَزَ قَدْرَ (الْمُسَافِرِ) مِنْ أَيَّامِ سَفَرِهِ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ وَفِي احْتِسَابِ قَدْرِ الْمَسَافَةِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ فِيهِ عَلَى الْإِصَابَةِ لَوْ أَرَادَهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ تُحْتَسَبُ عَلَيْهِ كَغَيْرِهَا مِنْ أَيَّامِ السَّفَرِ، وَلَيْسَ تَعَذُّرُ الْإِصَابَةِ لَوْ أَرَادَهَا بِمَانِعٍ مِنَ احْتِسَابِ الْمُدَّةِ عَلَيْهِ كَالْمَرَضِ.
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ مُدَّةَ السَّفَرِ مَحْسُوبَةٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ الْمُطَالَبَةِ حَاضِرًا طُولِبَ بِالْإِصَابَةِ أَوِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْبَتِهِ وَكَّلَتْ مَنْ يُطَالِبُهُ بِحَقِّهَا حَتَّى يُرَافِعَ وَكِيلُهَا إِلَى حَاكِمِ الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ غَائِبٌ فِيهِ فَيُطَالِبَهُ بِالْفَيْئَةِ أَوِ الطَّلَاقِ فَإِنْ طَلَّقَ فَحُكْمُ طَلَاقِهِ فِي غَيْبَتِهِ كَحُكْمِ طَلَاقِهِ فِي حَضَرِهِ، وَقَدْ سَقَطَ بِالطَّلَاقِ حَقُّهَا حَتَّى إِذَا قَدِمَ فَلَا مُطَالَبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَإِنْ أَرَادَ الْفَيْئَةَ فَيَكْفِيهِ فِي الْفَيْئَةِ شَرْطَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَفِيءَ بِلِسَانِهِ فَيْءَ مَعْذُورٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَأْخُذَ فِي الِاجْتِمَاعِ لِلْإِصَابَةِ، إِمَّا بِأَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهَا، وَإِمَّا بِأَنْ يَسْتَقْدِمَهَا عَلَيْهِ، وَالْخِيَارُ فِيهِمَا إِلَيْهِ، فَإِنْ فَعَلَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْفَيْئَةِ قَبْلَ الِاجْتِمَاعِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ لَمْ يَجُزْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ فَيْئَةِ اللِّسَانِ حَتَّى يَفِيءَ بِالْإِصَابَةِ فَلَوْ أَنَّهُ فِي غَيْبَتِهِ أَخَذَ فِي الْقُدُومِ أَوِ الِاسْتِقْدَامِ ولم يفيء بِلِسَانِهِ فَيْءَ مَعْذُورٍ لَمْ يَكُنْ فَايِئًا وَطَلَّقَ عَلَيْهِ حَاكِمُ ذَلِكَ الْبَلَدِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، فَإِنْ فَاءَ بِلِسَانِهِ فَيْءَ مَعْذُورٍ لَمْ يُأْخَذْ فِي الِاجْتِمَاعِ إِمَّا بِقُدُومٍ أَوِ الِاسْتِقْدَامِ لَمْ تَتِمَّ الْفَيْئَةُ وَطَلَّقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْحَاكِمُ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْذُورًا بِخَوْفِ الطريق المانع أَوْ لِمَرَضٍ مُعْجِزٍ فَالْفَيْئَةُ بِلِسَانِهِ كَافِيَةٌ إِلَى أَنْ يَزُولَ عُذْرُهُ فَيُؤْخَذَ