عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَرَّتَيْنِ مَرْتَيْنِ، وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ.
وَرَوَى عَمَّارُ بْنُ سَعْدٍ الْقَرَظُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَذَّنَ مَثْنَى مَثْنَى، وَأَقَامَ فُرَادَى، وَقَالَ هَذَا الَّذِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِلَالًا أَنْ يُؤَذِّنَ بِهِ لِأَبِي سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فَإِنَّهُ كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَثْنَى مَثْنَى، وَالْإِقَامَةُ فُرَادَى.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أنه قال: نزل جبريل بالإقامة فرادى، وَلِأَنَّهُ ثَانٍ لِأَوَّلَ يُسْتَفْتَحُ بِتَكْبِيرَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي أَقْصَرَ مِنَ الْأَوَّلِ، كَصَلَاةِ العيدين في عدد التكبير، ولأن الأذان أو في صِفَةً مِنَ الْإِقَامَةِ، لِأَنَّهُ يَأْتِي بِهِ مُرَتَّلًا، وَبِالْإِقَامَةِ إِدْرَاجًا، فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ أَوْفَى قَدْرًا، كالركعتين الأوليتين لَمَّا كَانَتْ أَوْفَى صِفَةً بِالْجَهْرِ كَانَتْ أَوْفَى قَدْرًا بِالسُّورَةِ، وَلِأَنَّ أَسْبَابَ الصَّلَاةِ إِذَا تَجَانَسَتْ، وَبُنِيَ أَحَدُهُمَا عَلَى التَّخْفِيفِ بُنِيَ عَلَى التَّبْعِيضِ، كَالتَّيَمُّمِ لَمَّا جَانَسَ الْوُضُوءَ ثُمَّ يُبْنَى عَلَى التخفيف في تجويزه بِالتُّرَابِ، وَالْمَسْحِ بُنِيَ عَلَى التَّخْفِيفِ فِي الِاقْتِصَارِ مِنَ الْأَعْضَاءِ عَلَى الْبَعْضِ وَالرَّأْسِ، لَمَّا قُصِرَ عَنِ الْأَعْضَاءِ بِالتَّخْفِيفِ قَسْمًا قُصِرَ عَنْهَا بِالتَّخْفِيفِ تَبْعِيضًا، فَلَمَّا كَانَتِ الْإِقَامَةُ مَبْنِيَّةً عَلَى التَّخْفِيفِ إِدْرَاجًا اقْتَضَى أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّخْفِيفِ تَبْعِيضًا.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَبِلَالٍ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً تَعْقُبُهَا أَخْبَارُنَا، لِأَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالْإِفْرَادِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا عَلَى خِلَافِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا وَإِنْ عَارَضَتْ أَخْبَارَنَا فَأَخْبَارُنَا أَوْلَى لِمُطَابَقَةِ فِعْلِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ لَهَا.
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْأَذَانِ فَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا وُضِعَ لِلْإِعْلَامِ كَانَ أَكْمَلَ قَدْرًا كَمَا كَانَ أَكْمَلَ صِفَةً، وَالْإِقَامَةُ لَمَّا وُضِعَتْ لِلِاسْتِفْتَاحِ كَانَتْ أَقَلَّ قَدْرًا، كَمَا كَانَتْ أَقَلَّ صِفَةً.
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الطَّرَفِ الْآخَرِ فَلَا يَصِحُّ، لِأَنَّ الْأَذَانَ لَمَّا كَانَ مَوْضُوعًا لِلْإِعْلَامِ وَكَانَ الْإِعْلَامُ بِأَوَّلِهِ كَانَ أَوَّلُهُ زَائِدًا عَلَى آخِرِهِ زائد الحصول الْإِعْلَامِ بِأَوَّلِهِ وَالْإِقَامَةُ لَمَّا كَانَتْ مَوْضُوعَةً لِلِاسْتِفْتَاحِ جَازَ أَنْ يَسْتَوِيَ أَوَّلُهَا وَآخِرُهَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الْإِقَامَةِ مَا لَيْسَ فِي الْأَذَانِ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ فِيهَا مَا في الأذان، ففاسد بالتثويب ثم بالترتيل فإن صَحَّ مَا ذَكَرْنَا فَالسُّنَّةُ فِي الْأَذَانِ التَّثْنِيَةُ بالترجيع والسنة