الحاوي الكبير (صفحة 4896)

(مسألة)

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَالَّتِي قَبْلَهَا فِي أنه اسثتناء مِنْ يَمِينِهِ وَطْءَ مَرَّةٍ، وَمُخَالِفَةٌ لَهَا فِي أَنَّ تِلْكَ مَقْدِرَةٌ بِسَنَةٍ وَهَذِهِ مُطْلَقَةٌ عَلَى الْأَبَدِ، فَإِذَا قَالَ لَهَا: إِنْ وَطِئْتُكِ فَوَاللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ إِلَّا مَرَّةً، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ لَا يَكُونُ فِي الْحَالِ مُولِيًا لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى وَطْئِهَا فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ حِنْثٍ، وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ يَكُونُ فِي الْحَالِ مُولِيًا، يُسْتَضَرُّ بِوَطْئِهِ فِي الْحَالِ لِانْعِقَادِ الْإِيلَاءِ بِهِ، وَقَدْ أَبْطَلْنَاهُ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَإِذَا كَانَ هَكَذَا وَصَحَّ بِهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ، لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ مُولِيًا مَا لَمْ يَطَأْ، وَلَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ، وَإِنْ تَطَاوَلَ بِهِ الزَّمَانُ، لِخُرُوجِهِ عَنْ حُكْمِ الْإِيلَاءِ فَإِذَا وَطِئَ مَرَّةً صَارَ حِينَئِذٍ مُولِيًا عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ زَمَانَ يَمِينِهِ مُؤَبَّدٌ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، فَيُوقَفُ لَهَا مِنْهُ الإيلاء والله أعلم.

(مسألة)

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ قَالَ وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّجَّالُ أَوْ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ أَوْ حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ أَوْ يَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي أَوْ تَفْطِمِي ابْنَكِ فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ كَانَ مُولِيًا وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ حَتَّى تَفْطِمِي وَلَدَكِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهَا قَدْ تَفْطِمُهُ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَكْثَرَ مِنَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (قَالَ الْمُزَنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ) هَذَا أولى بقوله لأن أصله أَنَّ كُلَّ يَمِينٍ مَنَعَتِ الْجَمَاعَ بِكُلِّ حَالٍ اكثر من أربعة أشهر إلا بأن يحنث فهو مول وقوله حتى يشاء فلان فليس بمول حتى يموت فلان (قال المزني) وهذا مثل قوله حتى يقدم فلان أو يموت سواء في القياس وكذلك حتى تفطمي ولدك إذا أمكن الفطام في أربعة أشهر ولو قال حتى تحبلي فليس بمول (قال المزني) رحمه الله هذا مثل قوله حتى يقدم فلان أو يشاء فلان لأنه قد يقدم ويشاء قبل أربعة أشهر فلا يكون مولياً (قال المزني) رحمه الله عليه وأما قوله حتى تموتي فهو مول بكل حال كقوله حتى أموت أنا وهو كقوله والله لا أطؤك أبداً فهو مول من حين حلف) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ تَمَهَّدَ بِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أُصُولِ الْوَطْءِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا إِلَّا أن تزيد هذه إِيلَائِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَخْلُ مُدَّةُ إِيلَائِهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مُطْلَقَةً.

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مُقَيَّدَةً بِزَمَانٍ. وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ مُعَلَّقَةً بِشَرْطٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015