الحاوي الكبير (صفحة 4672)

(مسألة:)

قال الشافعي: (وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إِذَا قَدِمَ فُلَانٌ لِلسُنَّةِ فَقَدِمَ فُلَانٌ فَهِيَ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ) .

قَالَ الماوردي: لأنه علق بطلاقها بشرط وصفة، فَالشَّرْطُ قُدُومُ زَيْدٍ وَالصِّفَةُ أَنْ يَكُونَ طَلَاقَ السُّنَّةِ فَوَجَبَ أَنْ تُعْتَبَرَ الصِّفَةُ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَلَا طَلَاقَ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ، فَإِذَا قَدِمَ فَقَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ فَوَجَبَ مُرَاعَاةُ الصِّفَةِ فَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ قُدُومِ زَيْدٍ فِي طُهْرٍ لَمْ تُجَامَعْ فِيهِ، طُلِّقَتْ حَالَ قُدُومِهِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَالصِّفَةِ مَعًا، وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ فِي طُهْرٍ قَدْ جُومِعَتْ فِيهِ، لَمْ تُطَلَّقْ بِوُجُودِ الشَّرْطِ لِعَدَمِ الصِّفَةِ حَتَّى إِذَا صَارَتْ فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ، طُلِّقَتْ بِحُدُوثِ الصِّفَةِ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَلَا يُعْتَبَرُ اجْتِمَاعُ الصِّفَةِ وَالشَّرْطِ. وَلَكِنْ لَوْ قَالَ: إِذَا قَدِمَ فُلَانٌ وَأَنْتِ مِنْ ذَوَاتِ السُّنَّةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، لَمْ تُطَلَّقْ إِلَّا بِقُدُومِ فُلَانٍ وَهِيَ فِي ظهر لَا جِمَاعَ فِيهِ، لِأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ الصِّفَةَ شَرْطًا، وَجَعَلَ طَلَاقَهَا مُعَلَّقًا بِاجْتِمَاعِ شَرْطَيْنِ، فَلَمْ تُطَلَّقْ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا وَلَا بِانْفِرَادِهِمَا.

وَلَوْ قَالَ: إِذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلَمْ يُعَلِّقْهُ بِسُنَّةٍ وَلَا بِدْعَةٍ، طُلِّقَتْ بِقُدُومِهِ طَاهِرًا كَانَتْ أَوْ حَائِضًا. لَكِنْ إِنْ كَانَتْ طَاهِرًا فَهُوَ طَلَاقُ سُنَّةٍ، وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا فَهُوَ طَلَاقُ بِدْعَةٍ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِهِ، لِأَنَّهُ لم يقصده.

ألا ترى أن متعمد وطئ الشُّبْهَةِ آثِمٌ، وَمَنْ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ غَيْرُ آثِمٍ، وَإِذَا لَمْ يَأْثَمْ لَمْ يُنْدَبْ إِلَى الرَّجْعَةِ كَالْإِثْمِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالرَّجْعَةِ قَطْعُ الْإِثْمِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِذَا قَدِمَ زَيْدٌ وَبَيْنَ قَوْلِهِ إِنْ قَدِمَ زَيْدٌ، إِنَّهَا لَا تُطَلَّقُ إِلَّا بِقُدُومِ زَيْدٍ، لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا حَرْفَا شَرْطٍ. وَلَكِنْ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِذَا قَدِمَ زَيْدٌ، وَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْ قَدِمَ بِفَتْحِ الْأَلِفِ طُلِّقَتْ مَكَانَهَا، لِأَنَّهُمَا حَرْفَا جَزَاءٍ عَنْ مَاضٍ سَوَاءٌ كَانَ زَيْدٌ قَدْ قَدِمَ أَمْ لَا؟ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَقْدُمْ بَطَلَ الْجَزَاءُ وَثَبَتَ الْحُكْمُ.

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طالق للسنة إذ جَاءَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فَيَوْمُ الْجُمُعَةِ شَرْطٌ وَطَلَاقُ السُّنَّةِ صِفَةٌ فَإِنْ جَاءَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَهِيَ فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ طُلِّقَتْ، وَإِنْ كَانَتْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ حَائِضًا فَإِذَا طَهُرَتْ طُلِّقَتْ، وَلَوْ كَانَ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ طَاهِرًا طُلِّقَتْ، وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا فِيهِ لَمْ تُطَلَّقْ إِذَا طَهُرَتْ، لِأَنَّهُ جَعَلَ وُقُوعَ طَلَاقِهَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ شَرْطًا، فَلَمْ يَقَعْ فِي غَيْرِهِ. وَلَمْ يَجْعَلْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى شَرْطًا فَجَازَ أَنْ يَقَعَ فِي غَيْرِهِ فَلِذَلِكَ افْتَرَقَا.

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ قَالَ لِصَغِيرَةٍ أَوْ حَامِلٍ أَوْ غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا: إِذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ. فَإِنْ قَدِمَ زيد قبل بلوغ لصغيرة وَوَضْعِ الْحَامِلِ، وَوَطْءِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015