مِنَ الْمَالِ؛ فَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ ثُلُثِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الزَّوْجَةُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ مَلَكَتِ الْبُضْعَ فِي مُقَابَلَةِ مَا بَذَلَتْ.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِأَنَّهَا قَدِ اسْتَضَرَّتْ مِنْ وَجْهَيْنِ بِمَا بَذَلَتْ مِنْ مَالِهَا وَأَسْقَطَتْهُ مِنْ نَفَقَتِهَا فَالْجَوَابُ أَنَّهَا تَنْتَفِعُ بِذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا قَدْ تَسْتَفِيدُ بِذَلِكَ نِكَاحَ غَيْرِهِ، وَنَفَقَةً أَكْثَرَ مِنْ نَفَقَتِهِ إِنْ عَاشَتْ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا تُوَفِّرُ عَلَى وَرَثَتِهَا قَدْرَ مِيرَاثِهِ إِنْ مَاتَتْ.
فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا خَالَعَتْ بِهِ فِي مَرَضِهَا مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ يَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ مِنَ الثُّلُثِ، فَخَالَعَتْهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَإِنْ كَانَتِ الْأَلْفُ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ، صَحَّ الْخُلْعُ بِهَا سَوَاءٌ تَرَكَتْ غَيْرَ الْأَلْفِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ يُحِيطُ بِالْأَلْفِ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِنَ الْأَلْفِ أَرْبَعَمِائَةٍ كَانَ الْبَاقِي مِنَ الْأَلْفِ وَهُوَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ مُحَابَاةً تَكُونُ وَصِيَّةً فِي الثُّلُثِ، فإن احتملها الثلث أمضت، وَهُوَ أَنْ تُخَلِّفَ سِوَى أَلْفِ الْخُلْعِ أَلْفًا وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَيَأْخُذُ الزَّوْجُ الْأَلْفَ أَرْبَعُمِائَةٍ مِنْهَا فِي قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَسِتُّمِائَةٍ وَصِيَّةً قَدْ خَرَجَتْ مِنَ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ إِلَى الْوَرَثَةِ أَلْفٌ وَمِائَتَانِ وَذَلِكَ السِّتُّمِائَة الْخَارِجَةُ بِالْوَصِيَّةِ وَإِنْ لَمْ تُخَلِّفِ الزَّوْجَةُ سِوَى الْأَلْفِ الَّتِي خَالَعَتْ بِهَا كَانَ لِلزَّوْجِ مِنْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَثُلُثُ السِّتِّمِائَةٍ الْبَاقِيَةِ مِنَ الْأَلْفِ وَهُوَ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَصِيَّةً لَهُ فَيَصِيرُ لَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَبِالْوَصِيَّةِ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيَكُونُ الْبَاقِي وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ لِلْوَرَثَةِ وَهُوَ مِثْلُ مَا خَرَجَ بِالْوَصِيَّةِ فَلَوْ كان على الزوجة ثلثمائة دِرْهَمٍ دَيْنًا أَخَذَ الزَّوْجُ مِنَ الْأَلْفِ مَهْرَ الْمِثْلِ، وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَدَفَعَ مِنَ الْبَاقِي قَدْرَ الدَّيْنِ، وَهُوَ ثَلَاثُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَخَذَ الزَّوْجُ ثُلُثَ مَا بَقِيَ، وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَأَخَذَ الْوَرَثَةُ الْبَاقِيَ وَهُوَ مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَهُوَ مِثْلُ مَا خَرَجَ بِالْوَصِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ دَيْنُهَا سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَصَاعِدًا صُرِفَ بَاقِي الْأَلْفِ بَعْدَ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ قَدْ وَصَّتْ بِثُلُثِ مَالِهَا لِغَيْرِهِ، كَانَ الزَّوْجُ أَحَقَّ بِالثُّلُثِ فِي بَقِيَّةِ الْأَلْفِ مِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْوَصَايَا، لِأَنَّ وَصِيَّتَهَا عَطِيَّةٌ فِي الْمَرَضِ فَقُدِّمَتْ عَلَى الْوَصَايَا بَعْدَ الْمَوْتِ سَوَاءٌ قَبَضَهَا الزَّوْجُ فِي الْحَيَاةِ أَوْ بعد الموت.
قال الشافعي: (وَلَوْ كَانَ خُلْعُهَا بِعَبْدٍ يُسَاوِي مِائَةً وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَ الْعَبْدِ وَنِصْفَ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ يَرُدَّ وَيَرْجِعَ بِمَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا لَوِ اشْتَرَاهُ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهُ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ لَيْسَ هَذَا عِنْدِي بِشَيْءٍ وَلَكِنْ لَهُ مِنَ الْعَبْدِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَمَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ بَعْدَ مَهْرِ مِثْلِهَا وَصِيَةٌ لَهُ إِنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ من الثلث ولم يكن لها غيره فهر بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ قَبِلَ وَصِيَّتَهُ وَهُوَ الثُّلُثُ