أحدهما: مَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْوَكِيلَيْنِ مَعًا، وَهُوَ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا عَقْدٌ، لَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِمَا حُكْمٌ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَا لَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْوَكِيلَيْنِ مَعًا، وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا عَبْدَيْنِ وَكَافِرَيْنِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا حُرَّيْنِ وَمُسْلِمَيْنِ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَصِحُّ تَوْكِيلُهُمَا فِي الطَّلَاقِ وَالْبَيْعِ، فَصَحَّ فِيمَا جَمَعَهُمَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُمَا خُلْعُ أَنْفُسِهِمَا، فَصَحَّ فِيهِ تَوْكِيلُهُمَا لِغَيْرِهِمَا.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا يَكُونُ اعْتِبَارُهُ فِي وَكِيلِ الزَّوْجَةِ أَقْوَى مِنِ اعْتِبَارِهِ فِي وَكِيلِ الزَّوْجِ، وَهُوَ الرشيدُ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي وَكِيلِ الزَّوْجِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ، لِأَنَّهُ لَوْ خَالَعَ لِنَفْسِهِ جَازَ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي خُلْعِ غَيْرِهِ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي وَكِيلِ الزَّوْجَةِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُعْتَبَرُ فِي وَكِيلِهَا، وَإِنْ وَكَّلَتْ سَفِيهًا جَازَ اعْتِبَارًا بِوَكِيلِ الزَّوْجِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُعْتَبَرُ الرُّشْدُ فِي وَكِيلِ الزَّوْجَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي وَكِيلِ الزَّوْجِ كَمَا يُعْتَبَرُ رُشْدُ الزَّوْجَةِ فِي الْخُلْعِ، وَلَا يُعْتَبَرُ رُشْدُ الزَّوْجِ، فَلِذَلِكَ إِنْ وَكَّلَتِ الزَّوْجَةُ سَفِيهًا لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ وَكَّلَ الزَّوْجُ سَفِيهًا جَازَ.
فَإِنْ قِيلَ: فَوَكَالَةُ الزَّوْجَةِ مُخْتَصَّةٌ بِمُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ تمَّ الرُّشْدُ فِيهما عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُعْتَبَرٌ فَوَكَالَةُ الزَّوْجِ الْمُشْتَرِكَةُ فِي طَلَاقٍ وَمُعَاوَضَةٍ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ الرُّشْدُ فِيهَا مُعْتَبَرًا.
قِيلَ: لَمَّا تَفَرَّدَتْ وَكَالَةُ الزَّوْجَةِ بِالْمُعَاوَضَةِ تَفَرَّدَتْ بِحُكْمِهَا وَالرُّشْدُ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ مُعْتَبَرٌ فَاعْتُبِرَ فِي وَكَالَتِهَا، وَلَمَّا كَانَتِ الْمُعَاوَضَةُ فِي وَكَالَةِ الزَّوْجِ تَبَعًا لِلطَّلَاقِ الَّذِي لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الرُّشْدُ، وَكَانَ التَّبَعُ دَاخِلًا فِي حُكْمِ الْمَتْبُوعِ لَمْ يَكُنِ الرُّشْدُ فِي وَكَالَتِهِ مُعْتَبَرًا.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: مَا يَكُونُ اعْتِبَارُهُ فِي وَكِيلِ الزَّوْجِ أَقْوَى مِنِ اعْتِبَارِهِ فِي وَكِيلِ الزَّوْجَةِ وَهُوَ الذُّكُورِيَّةُ لَا تُعْتَبَرُ فِي وَكَالَةِ الزَّوْجَةِ، فَإِنْ وَكَّلَتِ امْرَأَةً جَازَ، لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ تَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهَا مَعَ أُنُوثَتِهَا جَازَ أَنْ تُوَكَّلَ فِيهِ مِنْ مِثْلِهَا، وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ وَكِيلًا فِي الْبَيْعِ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي وَكِيلِ الزَّوْجِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مِنِ اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ فِي جَوَازِ تَوْكِيلِ الْمَرْأَةِ فِي الطَّلَاقِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الطَّلَاقَ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ وَكِيلًا فِيهِ، فَعَلَى هَذَا يُعْتَبَرُ فِي وَكِيلِ الزَّوْجِ أَنْ يكون رجلاً.