بِهَا الطَّلَاقُ كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ تَدْخُلَ السَّنَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَهِيَ زَوْجَةٌ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ إِمَّا أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنَ الطَّلْقَةِ الْأُولَى فَيَسْتَأْنِفَ نِكَاحَهَا قَبْلَ الثَّانِيَةِ. وَإِمَّا بِأَنْ يُكْمِلَ طَلَاقَهَا ثَلَاثًا وَتَسْتَحِلَّ بِزَوْجٍ ثُمَّ يَعُودُ فَيَتَزَوَّجُهَا قَبْلَ الثَّانِيَةِ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي أَمْ لَا؟ مُعْتَبَرٌ بِحَالِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ زَالَ بِطَلَاقٍ دُونَ الثَّلَاثِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَأَحَدِ قَوْلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ إن الطَّلَاقَ يَقَعُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي فَتُطَلَّقُ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ طَلْقَةً ثَانِيَةً بِأَوَّلِ جُزْءٍ وَمِنَ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ طَلْقَةً ثَالِثَةً.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: فِي الْجَدِيدِ إنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي لِأَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ بِدُخُولِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وإن زال النكاح الأول بالطلاق الثلاث فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ وَأَحَدُ قَوْلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ إنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: فِي الْقَدِيمِ إنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ فَكَانَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْقَدِيمِ أَقْوَى مِنْهُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ وَوُقُوعُهُ مَعَ زَوَالِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ بِدُونِ الثَّلَاثِ أَقْوَى مِنْ وُقُوعِهِ إِنْ زَالَ بِالثَّلَاثِ.
وَقَدْ يَخْرُجُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَقَاوِيلَ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَقَعُ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ الْأَوَّلُ ثَلَاثًا أَوْ دُونَهَا وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُزَنِيِّ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَقَعُ سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلُ ثَلَاثًا أَوْ دُونَهَا وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَقَعُ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ وَلَا يَقَعُ إِنْ كَانَ ثَلَاثًا.
فَإِذَا قِيلَ بِالْأَوَّلِ إِنَّهُ لَا يَقَعُ فَوَجْهُهُ قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (لا طلاق قبل النكاح) وَهَذَا طَلَاقٌ قَبْلَ نِكَاحٍ. وَلِأَنَّ مَقْصُودَ عَقْدِ الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ يَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِهِ فِي النِّكَاحِ كَمَا لَوْ عَقَدَهُ فِي أَجْنَبِيَّةٍ، وَلِأَنَّ زَوَالَ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ يَجِبُ ارْتِفَاعُ أَحْكَامِهِ وَعَقْدُ الطَّلَاقِ مِنْ أَحْكَامِهِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَبْقَى بَعْدَ ارْتِفَاعِهِ وَلِمَا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ. وَإِنْ قِيلَ بِالثَّانِي إنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ فَوَجْهُهُ أَنَّ عَقْدَ الطَّلَاقِ وَوُجُودَ صِفَتِهِ كَانَا مَعًا فِي مِلْكِهِ وَنِكَاحِهِ فَاقْتَضَى أَنْ يَقَعَ كَمَا لَوْ كَانَا فِي نِكَاحٍ وَاحِدٍ، وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعْتَبَرٌ بِحَالَيْنِ عَقْدِهِ وَوُقُوعِهِ وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا تَخَلَّلَهُمَا مِنْ أَحْوَالِ الْمَنْعِ كَالْعَاقِدِ لِلطَّلَاقِ فِي صِحَّتِهِ إِذَا وُجِدَتْ صِفَتُهُ بَعْدَ جُنُونِهِ لَمْ يَمْنَعْ وُقُوعُهُ كَذَلِكَ هَذَا.
وَإِذَا قِيلَ بِالثَّالِثِ إنَّهُ يَعُودُ إِنِ ارْتَفَعَ بِدُونِ الثَّلَاثِ وَلَا يَعُودُ إِنِ ارْتَفَعَ بِالثَّلَاثِ فَوَجْهُهُ