(بسم الله الرحمن الرحيم)
: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ اللَّهُ: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شيئا} الآية وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى صلاة الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه فقال من هذه؟ فقالت أنا حبيبة بنت سهل لَا أَنَا وَلَا ثَابِتٌ لِزَوْجِهَا فَلَمَّا جَاءَ ثابت قال له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هذه حبيبة تَذْكُرُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَذْكُرَ فَقَالَتْ حَبِيبَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ مَا أَعْطَانِي عندي فقال عليه الصلاة والسلام (خُذْ مِنْهَا) فَأَخَذَ مِنْهَا وَجَلَسَتْ فِي أَهْلِهَا.
الْقَوْلُ فِي حَدِّ الْخُلْعِ
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْخُلْعُ فِي اللُّغَةِ: فَهُوَ الِانْتِزَاعُ عَلَى مُهْلَةٍ وَمِنْهُ خَلَعَ الثَّوْبَ نَزَعَهُ وَالْخُلْعُ فِي الشَّرْعِ: هُوَ افْتِرَاقُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى عِوَضٍ.
وَإِنَّمَا سُمِّيَ خُلْعًا؛ لِأَنَّهَا قَدْ كَانَتْ بِالزَّوْجِيَّةِ لِبَاسًا لَهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187] فَإِذَا افْتَرَقَا بَعِوَضٍ، فَقَدْ خَلَعَ لِبَاسَهَا، وَخَلَعَتْ لِبَاسَهُ فَسُمِّيَ خُلْعًا.
وَقِيلَ: فِدْيَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ فَدَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ بِمَالِهَا، كَفِدْيَةِ الْأَسِيرِ بِالْمَالِ.
الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ الْخُلْعِ
وَالْأَصْلُ فِي إِبَاحَةِ الْخُلْعِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} [البقرة: 229] وَهَذَا خِطَابٌ لِلْأَزْوَاجِ حَذَّرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ أَزْوَاجِهِمْ مَا آتَوْهُمْ مِنَ الصَّدَاقِ بِغَيْرِ طِيبِ أَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ. والخوف ها هنا بِمَعْنَى الظَّنِّ، وَتَقْدِيرُهُ إِلَّا أَنْ يَظُنَّا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
(أَتَانِي عَنْ نُصَيْبٍ كَلَامٌ يَقُولُ ... وَمَا خِفْتُ يَا سَلَامُ أَنَّكَ عَاتِبُ)
وَفِيمَا يَخَافَا أَنْ لَا يُقِيمَاهُ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: هُوَ كَرَاهَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ وَهَذَا قَوْلُ ابن المسيب.